تجارة الوهم تجارة رائجة منذ الأزل، إلا أنها أكثر رواجا اليوم بفعل تقنيات التواصل وأساليبه المختلفة، وتعتمد بشكل كبير على محاولة تمكين المستحيل عقليا ومنطقيا وتيسيره، بل والإمعان في ذلك بجعله في المتناول وبأيسر الأساليب وأرخص الأثمان، عن طريق بيع الوهم لمن يحتاجه، كبيع مستحضرات وعقاقير لعلاج السرطان، أو وصفة لشفاء مرض الذئبة الحمراء أو السكر بشكل قاطع ونهائي، أو مرهم شفي به المشلول رباعيا، مع الاستشهاد بأرقام وأشخاص وهميين أو متواطئين، وكلما اقتربت هذه التجارة من حياة الإنسان ومشاعره وأحلامه وأمنياته كان نجاحها مضمونا بشكل أكبر.

فكم هو ساحر أن يوهب مريض السرطان عمرا جديدا بعد أن بات مترقبا لأجله، وتعود العجوز ثلاثين عاما من عمرها إلى الوراء لتبدو شابة، ويركض المشلول رباعيا في الحقول خلف الفراشات، فينفق الناس أموالا طائلة ركضا وراء سراب، لكن ماذا عن هؤلاء المتألمين؟ ألا يستحقون من يحميهم ممن زادهم آلاما فوق آلامهم. عوضا عن الصمت المطبق تجاه ما يحدث في سوق العقاقير السوداء؟