رغم لهيب الأجواء سواء على صعيد الطقس، حيث تعيش المنطقة كلها في قلب موجة حارة قاسية أو الأحداث، إذ تتفاقم المشاكل كل يوم، ومن ذلك التوحش الإسرائيلي المتزايد في مواجهة الفلسطينيين وتنامي الغطرسة الإيرانية المعززة بالاتفاق النووي الأخير مع القوى الغربية، فضلا عن التطورات الميدانية المحزنة في كل من العراق وسورية وغيرهما؛ يبدو صيف السعودية مثيرا للأمل والثقة والشعور بالفخر.
سياسيا؛ شهدت الأيام الماضية تحقيق أكثر من إنجاز سعودي، ففي اليمن حيث تتولى المملكة قيادة تحالف دعم الشرعية، تحررت عدن تماما من عصابات الحوثي وأتباع علي صالح، وصار بإمكان قادة الدولة الشرعيين أن يحطوا ويستقروا فيها، تمهيدا للزحف المنتظر على العاصمة صنعاء لتخليصها من الانقلابيين، ومن ثم إعادة البلد الشقيق إلى سابق عهده، لينعم أبناؤه بالاستقرار والأمن في إطار من التعايش السلمي القائم على أسس راسخة.
ويعني هذا التطور أن الذين خططوا لزعزعة أمن الجزيرة العربية وابتزاز دولها قد وصلوا إلى حافة الإفلاس، بدليل أنهم لجؤوا لمنافذ جديدة لتعكير الأجواء في المنطقة بأساليب بديلة من بينها رعاية الأعمال العدائية وشن حملات تشويه مضللة والسعي إلى ضرب الوحدة الوطنية في تلك الدول. ولعل ما شهدناه مؤخرا في كل من الكويت والبحرين هو أوضح دليل على هذه الحقيقة.
في الاتجاه نفسه؛ تثبت التطورات في مصر أن دعم المملكة المشهود للأشقاء فيها قد مكنهم من تجاوز بعض أزماتهم لتبقى القاهرة قوة وسندا لجميع العرب، بينما ما زالت الثورة السورية، المعززة سعوديا، تتقدم باتجاه انتزاع الحرية لشعبها، رغما عن آلة القتل الرسمية المدعومة من قوى إقليمية ساعية لتوسيع نفوذها بأي ثمن. أما في لبنان، فقد تمكنت الرياض -بدورها الدبلوماسي وثقلها الإقليمي- من حماية التعايش الأهلي بين مختلف المكونات الطائفية، رغم محاولات شق الصف وإشعال الوضع الداخلي لحساب الصراعات الخارجية.
وعلى المستوى الداخلي؛ تدل نظرة واحدة إلى إقبال المدن السعودية على الاحتفال بالصيف سواء من خلال المهرجانات السنوية أو زخم الفعاليات والأنشطة الجماهيرية المنتشرة في مختلف المناطق، على مدى ما يملكه شعبنا من قدرة متجددة على صناعة الأمل والبهجة. يكفي -مثلا- أن تنظر كل ليلة إلى سماء مدينة أبها، لتشاهد الألعاب النارية وهي تعانق النجوم، قاطعة على غربان الشؤم الذين يوجدون خلف الحدود، أحلامهم المريضة بالنيل من المملكة وأهلها. يكفي كذلك أن نتابع سير الحياة في نجران وجازان، وكيف يعيش الناس فيهما بأمن وطمأنينة، واثقين في الله تعالى ثم في بسالة قواتهم المسلحة التي تخوض المعارك على بعد أمتار.
يكفينا، كي نعرف معنى هذا الصيف سعوديا، أن ننظر إلى حجم ما حققه بلدنا خلال العام الماضي فقط في كل المجالات، ثم نقارنه بما أصاب غيرنا من محن وأزمات، لنعرف كم هي عظيمة نعمة الأمن، وكم نحن مقصرون في حمد الله تعالى عليها، فاللهم لك الحمد..