إن سقوط رافعة الحرم كان مصابا جللا، رحم الله الشهداء وأسكنهم فسيح جناته، وندعو بالشفاء العاجل للمصابين، إنه حدث هبت له كل أطياف المجتمع متعاطفين ومتبرعين بدمائهم وعارضين المساعدة، كل على حسب قدرته، والمسؤولين على رأسهم خادم الحرمين الشريفين، الذي وقف على الموقع ووجه وزار المصابين وأمر بالتحقيق في الحادثة بشكل عاجل، وصدرت أوامر ملكية كريمة كان فيها الحزم والحسم والإنسانية، وهذا واجب ديني ووطني ونهج لهذه الدولة منذ تأسيسها، ولكن ما يزعج النفس استغلال بعض وسائل الإعلام ذلك للإساءة إلى المملكة، وهنا يكمن الخلل في إعلامنا وعدم إنصاف بلادنا، ولا أدل على ذلك التقصير من المعلومات التي نشرت في مقال الدكتور علي الموسى في زاويته بجريدة الوطن يوم الأحد الـ29 من ذي القعدة في العدد رقم 5462 حول ما نشرت قناة (CNN) في أخبارها حول الحدث أن أعلى رافعة في هذا العالم قد سقطت في المنطقة التي تحوي وتضم أكبر تجمع للرافعات على وجه الكرة الأرضية، ثم أضافت إلى الخبر صورة بانورامية (فوقية) تأخذ الألباب لمشاهدة هذه الرافعات حول مشروع واحد، وأن مشروع توسعة الحرم المكي لم يكسر سوى الرقم القياسي الذي كان يحمله مبنى الجمرات كأضخم كتلة خرسانية متصلة في تاريخ البناء البشري، وأن رقم مبنى الجمرات التاريخي ظل صامدا حتى ديسمبر من العام الماضي حين تجاوزه مبنى توسعة الحرم المكي، وأن هذه المعلومة كانت عبر مجلة (GE) المتخصصة في نوادر الابتكارات الهندسية، وأن مشروع توسعة الحرم المكي الشريف يضم 5 آلاف مهندس، ويذهب إليه 50 ألف عامل في الوردية اليومية الواحدة، وذكرت ذات المجلة (CE) المتخصصة بقولها إن هذه الأرقام القياسية ستصمد لقرن كامل من الزمن... انتهى.
السؤال الأهم أين نحن من هذه الأرقام القياسية، وأين نحن من هذه المعلومات القيمة والأهم أين إعلامنا من إنصاف بلادنا أمام العالم بأسره عامة والعالم الإسلامي خاصة، إذا كان الإعلام العالمي يسعى إلى إثارة فليس عليه قيود، ولكن لدينا إعلام لا بأس به في القوة والانتشار، ولكن لم يعط بلادنا حقها الإعلامي وإبراز مكانتها وما تقدمه إلى المسلمين والبشرية بشكل عام، أين نحن من إعلام بلاد تقل عنا في الإمكانات الإعلامية، وما إن تقم بلادهم بأي منجز داخلي لصالح بلدهم حتى يقوموا بحملات إعلامية تجعل الصغير والكبير في كل أنحاء العالم يعلم بكل تفاصيل ذلك الإنجاز، ونحن وبما تقدمه بلادنا للعالم بأسره من جهود ومشاريع وخدمات بأرقام قياسية ضخمة تمر مرور الكرام دون خدمة إعلامية لهذه المنجزات.
وإن واجبنا أن يكون مع القناة المتميزة التي تبث القرآن الكريم من الحرم المكي الشريف مباشرة والقناة التي تبث الحديث الشريف من المسجد النبوي مباشرة قناة ثالثة تبث باللغة الإنجليزية ورابعة باللغة العربية توضح الجهود المبذولة كافة في الحرمين الشريفين وتبث بشكل يومي ما يقدم للحجاج والمعتمرين على مدى العام، وتبرز ما تقدمه المملكة من خلال المراكز الإسلامية المنتشرة في أرجاء المعمورة كافة، دعما للإسلام والمسلمين من خلال برامج الإغاثة والمنظمات الإسلامية والمساعدات لكافة المحتاجين والمسلمين في العالم، كما يجب على كافة القنوات الإعلامية المرئية والمسموعة والمقروءة وضع استراتيجية تعطي من خلالها البلد حقه في إبراز إنجازاته وجهوده في خدمة الإسلام والمسلمين والبشرية، وهذا واجب وطني يجب أن يتحمله الإعلام بشرائحه كافة.