في كل عام ومع قرب موسم الحج تتعالى أصوات حجاج الداخل من مواطنين ومقيمين؛ تارة بالشكوى من غلاء أسعار حملات الحج، وتارة أخرى من صعوبة استكمال الإجراءات المتعلقة باستخراج التصاريح، ناهيك عن انتشار حملات الحج الوهمية التي تنشط قبيل كل موسم حج كي تحتال على البسطاء وتستولي على أموالهم التي ربما قضوا أعواما في جمعها لأداء هذا النسك العظيم.

وحسنا فعلت وزارة الحج هذا العام عندما اعتمدت المسار الإلكتروني لحجاج الداخل، حيث حصرت التسجيل في حملات الحج عبر موقع الوزارة الإلكتروني، وهي خطوة طال انتظارها، وعلى الرغم مما صاحبها من أخطاء وتعثرات، إلا أن تلك الأخطاء تظل متوقعة نسبة لحداثة التجربة.

من تلك الأخطاء ضعف التوعية الإعلامية بموعد التسجيل وطريقته وآلية اختيار الحملات المناسبة والوثائق والمعلومات المطلوبة، فضلا عن أن موقع الوزارة نفسه لم يكن مؤهلا لاستقبال طلبات التسجيل في حملات الحج لهذا العام وتجلى ذلك في تعطل الموقع بعد ساعات من بدء التسجيل في المسار الإلكتروني، وغير ذلك من الأخطاء التقنية والإجرائية مثل الفترة المتاحة للسداد البنكي التي كانت في البداية محددة بـ48 ساعة ثم مددت لاحقا لـ72 ساعة.

كما أن المدة التي بدئ فيها السماح بالتسجيل في حملات الحج تعتبر ضيقة قياسا بالوقت المطلوب للسداد البنكي واستخراج تصريح الحج من وزارة الداخلية واستخراج شهادة التطعيم ومراجعة مكتب الحملة لتزويده بالوثائق وكل ذلك قد يستغرق أكثر من 20 يوما، وليت الوزارة تتلافى هذا في الأعوام القادمة بحيث يُتاح التسجيل في الحملات من بداية شهر شوال، وفي ذلك تسهيل للحاج بحيث تتعدد خياراته في اختيار الحملات ويتسع وقته لاستخراج كامل الوثائق المطلوبة.

بقي القول إن هناك مبالغة شديدة في أسعار حملات الحج وهو ما يشكل عائقا كبيرا أمام من يرغب في أداء هذه الفريضة، وحتى حملات الحج المخفض تبقى أعدادها قليلة وبعضها بأسعار باهظة قياسا بخدماتها، أما برنامج الحج الميسر فحملاته قليلة جدا ولا توجد في أغلب مناطق المملكة ومحافظاتها، أما باقي الحملات الأخرى فأسعارها مرتفعة وليست في متناول شريحة كبيرة من الراغبين في أداء الحج، وعلى الوزارة أن تتدخل لضبط الأسعار وتخفيضها.

تجربة المسار الإلكتروني لحجاج الداخل خطوة نحو الأمام، وتطبيقها يأتي في صالح المواطن وتماشيا مع مشروع (الحكومة الإلكترونية) لكن على الإخوة في وزارة الحج رصد الأخطاء التي صاحبت التجربة الأولى والعمل على تصحيحها وتلافيها في الأعوام المقبلة.