لو كان الإرهاب يخلق تأثيرا بحسب ما يخطط له مدبروه لتغير العالم منذ زمن طويل. لا أحد يتذكر الإرهاب ولا التطرف إلا كمرحلة عابرة في حياة الناس، البشر، المجتمعات.
كل المجتمعات الإنسانية مرت عليها تجارب مختلفة وبمسببات متنوعة، فيها ما هو ديني واجتماعي وسياسي مع الإرهاب، أوروبا رغم كل أنظمتها وتشريعاتها في الحرية والفردانية وحقوق الإنسان والمساواة لم تتخلص منه إلا قبل سنوات قليلة، موجة قادتها في أحيان أحزاب العنف الثوري بإطاره الماركسي كبايدر ماينهوف وسواها أو ذات الطبيعة القومية الانفصالية كمنظمة إيتا الباسكية في إسبانيا.. الجيش الجمهوري الإيرلندي لم يضع سلاحه حتى منتصف التسعينات. الإرهاب لا وطن ولا شكل ولا منطق له، ورغم هذا يجد دوما ضحايا ومتحمسين. لو كان الإرهاب قادرا على التأثير في السعودية أرضا وشعبا وقيادة ومؤسسات لما استمر مشروع الوطن الذي يكبر بمسؤولياته عاما عن آخر ويتصاعد اقتصاديا وتنمويا وبشريا. صحيح أن هناك أسبابا داخلية وخارجية تساق مع كل موجة إلا أن الحقيقة الأكيدة أن الإرهاب قادر دائما على التلون والتموضع واتخاذ أسبابه التي في الغالب شعبوية يتم خلالها التركيز على عواطف وغرائز. يختبرنا الإرهاب كل مرة ويجدنا أقوى صفا وأمنع وحدة. قبل مسجد عسير جرب في الدمام والأحساء وأماكن أخرى في السعودية والعالم، لكن هذا التوحد الداخلي المجتمعي والمؤسساتي أولا ومن ثم دول ومجتمعات شركاء في التصدي ومحاربة هذا السرطان قادر على محاصرة الإرهاب والضغط عليه حتى يستحيل فصلا في ذاكرة المجتمعات والدول. أعرف أن هناك تفاصيل كثيرة ونقاشا أكثر حول نقاط مهمة بشأن البواعث والدوافع والاستهداف التي يستغلها الإرهاب والإرهابيون، لكن دائما كانت هناك -ومنذ فجر التاريخ- مغسلة فكرية وضحايا جاهزون للأفكار المتطرفة الإرهابية.. عاطفية غرائزية في الأساس في كل الديانات والمذاهب والقوميات، فالإرهاب واحد وإن تعددت جهاته وصفاته، والمتطرف واحد وإن تعددت صفاته وجهاته، وبالتالي فمصيره واحد وإن تعددت صفاته وجهاته، هذا على الأقل ما يقوله لنا التاريخ والوقائع.
الإرهاب يهزم المتفرقين، المتصارعين، غير المؤمنين بمشروعات وطنية مشتركة وقواعد للعمل الجماعي. السعوديون اليوم موحدون في الموقف والرؤية، جربهم الإرهاب وتحدياته سابقا ونال من الخيبات ما نال وسيحاول مجددا وله ذات المصير. بديهيات يعلمها السعوديون وطنا وشعبا وقيادة لكل من غرته شياطينه في كل موقف يتجدد وحدث يتكرر.