مئات الآلاف من التغريدات أطلقها السعوديون البارحة الأولى للتعبير عن حزنهم في وفاة المذيع المحبوب "سعود الدوسري"..

ليس هذا ما أثار الانتباه بشكل تام.. نحن شعب عاطفي كريم في مشاعره ونتفاعل مع كثير من حوادث الليالي المؤلمة..

ما لفت الانتباه، ويستحق التوقف هو ردة فعل "الوسط الإعلامي المحلي" على الوفاة الفاجعة..

لا أعرف أن الإعلاميين السعوديين تفاعلوا بهذا الشكل الكبير مع وفاة زميل لهم كما تفاعلوا مع وفاة الزميل سعود الدوسري رحمه الله.

لم يتفاعل "الوسط الإعلامي" مع وفاة زميلهم لأنهم خسروا إعلاميا لا يمكن تعويضه.. لم يكن هذا السبب ولن يكون، فأدوات التفضيل يوزعها الناس كيفما شاؤوا.. ناهيك أن كثيرا من الذين نعوه لم يشاهدوا حلقة واحدة من برنامجه خلال شهر رمضان المبارك الماضي.. وأكثر منهم من لا تتجاوز علاقتهم بالفقيد لقاء عابرا، أو تغريدة عابرة!

- ما السر الذي جعل غالب الإعلام السعودي يتداعى ويشعر بشعور واحد، يشكو بصوتٍ واحد ويتألم بقلب واحد، ويعزي بعضه بعضا؟

السبب ببساطة لأنهم فقدوا زميلا خلوقا.. محبوبا.. وقف على مسافة واحدة منهم جميعا.. فتح "قلبه" المتعب للجميع.. لم يدخل في مهاترات إعلامية، لم يدخل في صراعات، نأى بنفسه عن أي معارك، لا يُذكر عنه إساءته لأحد، أو إيذاؤه لأحد، أو انتقاصه من أحد، لا تصريحا ولا تلميحا.. كانت ابتسامته الطاهرة سفيرا له نحو قلوب زملائه.. مئات الآلاف من التغريدات تُعبّر عن حزن أصحابها لوفاته، وهم لا يعرفونه عن قرب.. وليسوا أصدقاء له ولا أقارب.. غاية ما يعرفون أخلاقه ونبله وهدوءه واتزانه.. وهل أجمل من معرفة كهذه..

 قدّم الزميل الراحل سعود الدوسري رحمه الله درسا بالغ الأهمية، يتمثل بأن أهم المؤهلات والخبرات الواجب على الإعلامي الحفاظ عليها في بداية حياته الإعلامية هي أخلاقه، وطيبته، وتعامله الحسن مع الآخرين..

طوبى لمن ذكره الناس بعد وفاته كما ذكروا سعود الدوسري..