ينشط خلال موسم الحج الوسطاء الذين يطلق عليهم "سماسرة"، وهم بمثابة حلقة وصل بين المهربين وباعة التصاريح من جهة، والحجاج المخالفين من جهة أخرى.
"الوطن" رصدت بيع تصاريح حج، لمن لا يحمل تصريح دخول للمشاعر المقدسة، وخدمات وسمسرة، بتجاوز للأنظمة وسط سوق رائجة وبمبالغ كبيرة.
ويروج أصحاب الأعمال المشبوهة لنشاطاتهم عن طريق نشر إعلانات في مواقع إلكترونية مختصة بالوساطة وبيع السيارات والأجهزة المستعملة.
ولا يقتصر الأمر على تصاريح حج الأفراد، بل يتعداه إلى تصاريح رسمية لدخول السيارات الصغيرة والمتوسطة إلى المشاعر المقدسة.
على الرغم من تحذيرات الجهات الأمنية والعقوبات الصارمة التي فرضتها أخيرا على مخالفي أنظمة الحج، لا يزال بعض ضعاف النفوس يصر على مخالفة النظام ويسعى إلى الكسب المادي مخلّاً بالأمن ومضايقا الحجاج النظاميين، ورصدت "الوطن" بيع تصاريح حج، وتهريب إلى داخل المشاعر المقدسة لمن لا يحمل تصريح دخول، وخدمات وسمسرة، بتجاوزات للأنظمة وسط سوق رائجة وبمبالغ كبيرة يقدمها مواطنون ومقيمون عبر خدمات جميعها مخالفة للأنظمة والقوانين.
الترويج للنشاط
يروج أصحاب الأعمال المشبوهة لنشاطاتهم عن طريق نشر إعلانات في مواقع إلكترونية مختصة بالوساطة وببيع السيارات والمعدات والأجهزة المستعملة، إذ تشهد المواقع المذكورة فوضى عارمة، في ظل عدم وجود رقابة فعلية على المحتوى من قبل القائمين عليها وانعدام تام للرقابة الرسمية.
عروض الاحتيال
تختلف طرق ووسائل المحتالين ولكل محتال منهم طريقة مختلفة يصطاد من خلالها الحجاج المخالفين، ويوهمهم بتوفير طلبهم .
ورصدت "الوطن" خلال الأيام الماضية وجود كم هائل من الإعلانات عن عروض مغرية، لأشخاص مستعدين لتأدية مناسك نيابة عن أشخاص آخرين، وتتراوح معظم العروض المشبوهة بين 800 ريال و500 ريال، وهي مبالغ تعد بحدها الأعلى أقل من ثلث أرخص حملات الحج المعتمدة والمخالفة أيضا، إضافة إلى النوع الآخر من المحتالين وهم من ينتحلون صفة صاحب حملة حج أو صفة المهرب أو صفة السمسار، وجميعهم يصرون على قبض المبالغ المالية المتفق عليها وجزء منها كعربون مقدما، وبعد الحصول على المال يختفون.
تسويق إلكتروني
المهرب الثاني عرف عن نفسه بـ"صاحب حملة حج بدون تصاريح" حج لمدة يومين، ينقل خلالهما الحجاج المخالفين من الرياض إلى داخل مكة المكرمة، بدون حمل تصاريح ويتكفل بمعيشة الحجاج وسكنهم ليوم واحد وذلك، مقابل 2000 ريال للحاج الواحد، بحسب الإعلان المنشور في موقع تسويق إلكتروني.
وعند الاتصال على الرقم المدون في الإعلان، أجاب شخص بدا من لهجته أنه مقيم عربي، وعرف عن نفسه باسم "الحاج محمود" الذي طلب مبلغ 2000 ريال عن كل حاج، وخفض المبلغ بعد التفاوض إلى 1500 ريال.
مهربو الحجاج
"الوطن" سبرت أغوار القصة من خلال مراسلها الذي ادعى أنه وسيط لعمالة ترغب في دخول المشاعر المقدسة تهريبا تارة وأخرى باحث عن تصاريح حج لحملة وهمية تقدر بـ5 آلاف تصريح، أول من أمس. بدأت عملية التفاوض بين مراسل الصحيفة بصفته وسيطا لمجموعة من الوافدين الذين يريدون الحج بدون تصريح، بالاتصال على المهرب وعرض صفقة لنقل عشرة عمال غير نظاميين إلى داخل المشاعر المقدسة قبل شعيرة عرفة بيوم، ورحب المهرب الذي عرف عن نفسه بـ"أبو سمية" ويتحدث بلهجة مكاوية شبه مصطنعة بالعرض طالبا مبلغ 2000 ريال مقابل كل شخص، وبعد التفاوض وافق على تخفيض المبلغ إلى 1000 ريال على الرأس -بحسب تعبير المهرب- متعذرا بالتشديدات الأمنية، وأبرم الاتفاق على وعد اتصال من "أبو سمية" لتحديد وقت ومكان الالتقاء لكي يقوم بنقلهم على دفعتين، مشترطا دفع كامل المبلغ عن جميع الحجاج قبل نقل الدفعة الأولى، وأنهى المهرب الاتصال مشددا على عدم الاتصال عليه ما لم يبادر هو بذلك. وتحفظ "أبو سمية" على إعطاء أي معلومات عن طريقة إدخاله الحجاج إلى المشاعر، مكتفيا بعبارة "هذا شغلي وأهل مكة أدرى بشعابها"، وأسهب بعرض فخامة ومواصفات مركبته التي يستخدمها لنقل الحجاج "لكزس 2013" ورفاهيتها مقارنة بمركبات زملائه المهربين، إضافة إلى أنه بحسب قوله: "معروف في المنطقة بقدرته على توصيل الحجاج بأمان دون التعرض لخطر القبض عليه وزبائنه من قبل الجهات الأمنية".
سماسرة التصاريح
وينشط خلال موسم الحج وسطاء يطلق عليهم "سماسرة"، يعملون وهم بمثابة حلقة وصل بين المهربين وباعة التصاريح من جهة والحجاج المخالفين من جهة أخرى، ويحصل السمسار مقابل عملية الوساطة على نسبة من كل صفقة، يتقاضاها من الطرفين، وتتفاوت بحسب عدد الحجاج، بحيث تتراوح بين 200 و500 ريال على الشخص.
بيع تصاريح معتمدة
من خلال متابعة نشاط مهربي الحجاج وضروب الاحتيال في موسم الحج، تم اكتشاف وجود أشخاص يبيعون تصاريح حج معتمدة "على الشرط"، بحسب أحد بائعي التصاريح، وبالاتصال على رقم هاتف مرفق بإعلانه بذلك، أجاب شخص يتضح من لهجته أنه سعودي عرف عن نفسه بـ"أبو راكان" من سكان مكة المكرمة، وعرض توفير تصاريح حج معتمدة "على الشرط" بأي كمية تطلب مقابل 2000 ريال للواحد، وبعد عدة مفاوضات ورفع عدد التراخيص المطلوبة إلى 100 تصريح ترغب حملة حج بشرائها، وافق على توفيرها بمبلغ 1500 ريال للتصريح الواحد، وتسجيلها بأسماء الحجاج بشكل رسمي، ولتأكيد جديته ومصداقيته شدد على تأجيل الدفع لحين التأكد من تسجيل جميع التصاريح في الحاسب بأسماء الحجاج، مشيرا إلى أنه يستطيع إلغاءها في أي وقت في حال عدم الالتزام بدفع المبلغ المتفق عليه بالكامل في الوقت والمكان الذي قال إنه سيحدده لاحقا. كما جرى الاتصال أيضا بأحد أصحاب إعلانات بيع تصاريح الحج المدعو محمد سعيد، وتم الاتفاق معه على شراء تصاريح حج بـ1700 ريال للتصريح الواحد، وأكد سعيد أيضا على ضمان صلاحية التصاريح وعدم استلامه أي مبلغ إلا بعد التأكد من تسجيل جميع التصاريح بأسماء أصحابها عن طريق نظام أبشر.
تحفظ وحذر
تصاريح حج الأفراد ليست التصاريح الوحيدة المعروضة للبيع، فهناك تصاريح رسمية خاصة بدخول السيارات الصغيرة والمتوسطة إلى المشاعر المقدسة، وهي تصاريح لا تمنح إلا على نطاق محدود، مركبات البعثات الرسمية، وبعض الجهات الحكومية والشركات الخاصة المصرح لها بالعمل خلال موسم الحج، بمبلغ 2500 ريال للتصريح الواحد، وتعرض هذه على نطاق أضيق من تصاريح الأفراد، وأصحابها متحفظون جدا وأكثر حذرا، فلم يعرضوا أرقام اتصال خاصة بهم، واكتفوا بترك رسالة لمن يرغب في شراء تصاريح دخول السيارات بإرسال رقم هاتفه عبر رسالة إلى حساب في الموقع الإلكتروني، وبالرغم من محاولات الاتصال بهم إلا أنه تعذر ذلك، في إشارة على ما يبدو بوجود طريقة لهم للتحقق من أصحاب الأرقام ويتواصلون مع من يضمنون جانبه.
الأحكام الشرعية
تصاريح الحج لا يجوز بيعها، لأن من أصدر هذه التصاريح شرط عدم بيعها، كما لا يجوز تزوير الجوازات والقدوم باسم شخص آخر لم يحج من قبل، أو شراء التصاريح، أو تزوير التأشيرات، أو بيع حملات الحج عقودا وهمية يتحايل بها الناس للحصول على تصاريح الحج، لأن هذا الأمر مع ما فيه من الكذب يفتح مجالا للفوضى، ويسبب خللا أمنيا كبيرا، خاصة في منطقة المشاعر، ويسبب زحاما كبيرا، وكما تقدم فإن هذه الأنظمة إنما وضعت لمصلحة الحجيج، لا للتضييق على الناس في عباداتهم، فلا يجوز التحايل عليها بما ذكر من الحيل.
الشيخ محمد بن عثيمين -رحمه الله-
لا يحل ولا يجوز بيع تصاريح الحج، ولا يجوز لمن يريد أن يؤدي فريضة الحج أن يشتري تصريح الحج.
الشيخ صالح اللحيدان