من أين للكلمة أن تجد لها مكانا للخروج وغصة الفقد تتشبث بها؟ المصاب كبير يا عسير، لكن الله أكبر.. أكبر من القتلة المعتدين، أكبر من أفكار الطغاة الخارجين المارقين، الفقد عظيم يا مرتع الإيمان والحب والقبول والمساحات الشاسعة من الحوار، والخطب جلل لكن العزائم لا تخور، والرؤوس لا تنحني إلا لبارئها. نعم هناك ثكالى وأيتام وأرامل ومع هذا فإن العمل على استئصال شأفة الإرهاب لا يقف ولا ينثني، ولا بد من يوم ينتصر فيه الله للمقتول من القاتل.

هو الإرهاب لم يتبدل وجهه القبيح، وهي الأفكار تزرع في نفوس خاوية خالية، وهي نفسها المعتقدات الواهية تسيطر على أذهان المغيبين المنسلخين عن مجتمعاتهم وهوياتهم، المرتهنين إلى خطط وخطوط خارجية خارجة، هي ذي نتائج التحريض والشحن العاطفي الفاشل غير المبرر، هي ذي بقضها وقضيضها عاقبة الإمساك بطرف ونفي ما سواه، ها هي أمامنا وبين ظهرانينا في عسير والقطيف والدمام.. خفافيش الظلام بهمجيتها المعتادة تستمرئ قتل الأبرياء من المدنيين أو العسكريين من إخوتنا وأحبتنا وأصدقائنا وجيراننا دون أدنى مبرر أو ذنب اقترفوه إلا أنهم – يرحمهم الله جميعا - ملتزمون بولائهم لدينهم وقيادتهم ووطنهم.

لك الله يا عسير الشموخ والإباء.. يا موطن الجمال والإخاء، ولكم الله ثم رجال هذا الوطن أيها الشهداء من أبنائنا المخلصين. لقد كانت الجهود وما تزال تترى في متابعة هذه الخلايا الموالية للشيطان، وستظل جهود البواسل من رجال أمن الوطن مستمرة وناجحة بمشيئة الله، وسيظل أبناء المملكة العربية السعودية – رغم أنف الرؤوس العفنة - أوفياء لبلادهم ومقدراتهم وأهليهم.

صحيح أن صيحات التحذير من منابر التحريض لم تنقطع، والواقع أن منها من لم تردعه حتى اللحظة دموع المصابين، ولا تأوهات الموجوعين، ولا نداءات العقلاء! ومع ذلك سنبقى كلنا شيبا وشبانا ونساء وأطفالا.. درعا حصينا، وسدا منيعا، وبنيانا مرصوصا، وجسدا لا تخور قواه تجاه الأدعياء والأتباع ممن لم تحل بينهم وبين التلذذ بدماء الناس صحوة ضمير، ولا تنبه عقل.

إن من أقدم ويقدم على عمل شنيع كهذا لم يعرف من الدين شيئا قط، لم يتعلم من سماحته ورفقه، ولم يؤمن إلا بالزيف والأباطيل التي تغذيه بها "رؤوس الشياطين" ممن تخلوا عن كل فضيلة، واستقطبوا كل رذيلة قاتلهم الله أنى يؤفكون.

يرحم الله شهداءنا، ويجبرنا فيهم، ويربط على قلوبنا وقلوب ذويهم.