أشعر بعجز تام وأنا أحاول شرح المصيبة التي وقعت أمس. فمنذ اللحظة التي استشهد فيها جنودنا في تفجير مسجد طوارئ أبها، تأكدت يقينا أننا تحولنا كـ28 مليون سعودي إلى أهداف لـ"دخول الجنة" بالنسبة إلى بضع عشرات من الخونة الذين يحاولون احتكار الإسلام في نسختهم الممسوخة.

لمثل هذه البشاعة لا يكون الانتقام إلا دواء، وكل قطرة دم بنهر من الدماء. وكل رجل منا بعشرة منهم. لن أتحدث عن حرمة دماء الآمنين، فالفطرة السوية لكل إنسان تؤمن بحرمة الدماء والأوطان، وتؤمن أن ما حدث مع شهداء الأمس في بيت من بيوت الله جريمة بشعة، ولكن أكون محللا لقراءة ما بين السطور، ولن أكون صحفيا أنقل الأحداث، لن أكون سوى إنسان يلعنهم أينما حلوا وارتحلوا، أبكي شهداءنا، وأحتضن أبناءهم، وأبكي عند مداخل بيوتهم. ومثل ملايين السعوديين لن أكون سوى مندهش، مصدوم، باكٍ، لا تتوقف دورته الدموية عن الغليان من أشباه بشر يعيشون مع الشيطان وهم يظنون أنهم يتقربون إلى الله تعالى.

ديني العظيم لا يستحق هذه الخيانة، ووطني العظيم لا يستحق هذه الخيانة، وهذا الجندي المسلم المؤمن الذي وهبه الله الجنة لأنه يحرس وطنه في سبيل الله لا يستحق هذه الخيانة. هؤلاء الإرهابيون يؤمنون بدين لا نعرفه.. يمارسون نسخة مزورة للإسلام بعيدة عن نسختنا التي تتوافق مع فطرة الإنسان، وعقله، وسماحته، وصدقه. هذا ليس إسلامنا الذي ولدنا وكبرنا وعشنا معه، لم نعد نريد حديثا تقليديا نردده كل مرة، بل يجب أن نتحدث فقط عن حقنا كوطن في الاقتصاص من هؤلاء الخونة ومن يقف وراءهم ومن يتعاطف معهم ومن يردد حرفا واحدا من كفرهم وغدرهم.

يجب محاكمتهم وصلبهم في الشوارع والميادين بتنفيذ أحكام الله فيهم وتعزيرهم. وفي مثل هذه الظروف يجب أن نسرع في سن تشريعات وقوانين تساعدنا على تجريم المتعاطفين معهم والمبررين لهم. قوانين؛ تنظم حياتنا التي سنفقدها إن لم نحارب العنف والكراهية والتكفير، وضرورة التبليغ الفوري عن أي شخص لوحظ منه القيام بنشاط مريب. وهذه الدماء التي سالت لن تذهب هدرا، والجناة سينالون جزاءهم في دولة الحزم، وما حدث أمس في مسجد قوات الطوارئ بأبها لن يزيدنا إلا قوة وإيمانا بديننا ومنهجنا المعتدل.