الخميس، يوم السادس من أغسطس لهذا العام، وقع التفجير الأول في منطقة عسير، كان الطلبة يؤدون صلاة الظهر، بمسجد لقوات الطوارئ، وقبل أن ينتهوا إلى التشهد الأخير والتسليمتين، طاشت الأشلاء في كل ناحية. من وقفوا على اللحظة، وما بعدها على الفور، وصفوا الأجساد الطرية وقد مزقها الانفجار والشظايا، قالوا إن روائح لحمٍ مشوي قد اختلطت برائحة دخانٍ كريهٍ وأعمى. بدا المكان كما لو أنه لقطة من قاع الفزع والجحيم. ثم راح الناس يتحدثون عن مصابين، ما زالوا على قيد الحياة، لكنهم في أقصى الحاجة للتبرع بالدم. مثلاً؛ الدكتور علي سعد الموسى كتب، في حسابه على تويتر، من أمام مدخل مستشفى عسير يستفزع الأطباء. كثيرون قاموا بهذا الإعلان، أعني أن كثيرين فعلوا ما كان يجب على وزارة الصحة أن تفعله عبر ترتيبٍ صغير مع شركات الاتصالات. رسالة واحدة للمشتركين، تدل الناس على مواقع التبرع بالدم، والمستشفيات المحتاجة، هذا لن يكلفها شيئاً. لا سيما وكل واحدة منها تتباهى بأرباحها من حينٍ لآخر.عسير لم تعرف العنف ولا الدموية يوماً، لكن شبابها كانوا هدفاً، كما غيرهم في سائر الأمكنة، لشحن الغلاة والمتطرفين منذ عقود، ومن المفارقة المخزية أن الذين بشروا بحماسات القتل قديماً، هم نفسهم من يمشون في الجنائز اليوم.

الصلاة على المغدورين الشهداء، واللعنة على القتلة كيفما كانوا، وأينما كانوا، هنا أو هناك.