ثمة معلومات تعلمناها حين كنا صغارا وكنا نعتقد أنها حقائق مسلمة لا يمكن الخوض فيها، لكن حين سمعنا ما ينقضها أول مرة أصبنا بلوثة الدفاع المستميت عن صدقها، فقط لأننا تلقيناها كما هي! لذلك دائما ما يقول العارفون بالأمور إن مَلكة الخبرة والاستبصار تأتي بالتجارب والبحث والتنقيب والنقاش والحوار، لا بالتلقين بطريقة التكرار يعلم الشطار!

تعرضت لهذا الموقف أول مرة حين قرأت مقالا قديما في أوائل 2006 للكاتب فهد بن عامر الأحمدي بعنوان: (عفوا.. مكة ليست مركزا للكون)! وبحكم أنني مكاوي قُح وابن "سوق الليل" ثم "الحجون" أخذتني الحماسة وقلت في نفسي "ما هذا"؟! لكن حين أكملت قراءة المقال وبقليل من البحث تأكدت من صحة ما ذكره في مقاله، وتعلمت حينها درسا لن أنساه طوال عُمري وعاهدت نفسي ألا أصدق أي شيء ولا أكذب أي شيء إلا بعد التثبت أو الرد بـ"لا أدري" لأرفع قدري بدلا من (الانبراش) الرباعي المنتشر بين البعض هذه الأيام. وقبل أيام تكررت هذه الحالة معي حين سألني الخبير السياحي سمير قمصاني سؤالا مباغتا: (من بنى الكعبة)؟ فأجبته بعد تردد (الملائكة) إن لم أخطئ وأظن سيدنا إبراهيم أعاد بناءها.. فابتسم ابتسامة المنتصر وقال "شفت"؟ وكان يقصد تنبيهي إلى معلومة قد تغيب عن كثيرين وهي أن أول من بنى الكعبة أبونا آدم عليه السلام!

لذلك علينا أن نسأل أنفسنا اليوم سؤالا عريضا: يا تُرى كم من المعلومات نعتقد أنها الحقيقة المطلقة وقد لا تكون؟ يا تُرى كم ظلمنا آخرين بحكم اختلاف عاداتهم وتقاليدهم عنا؟ يا تُرى ما هو اللباس الحقيقي المحتشم للمرأة؟ يا تُرى ما هي مقاييس التبرج مثلا؟