عبدالله سليمان الطليان


قد أكون وقعت في الفخ الذي يتمناه وهو تسليط الضوء على شخصيته التي بدأت تنتشر عبر مواقع التواصل، وهو المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي أفيخاي أدرعي وهو من مواليد 1982 من مدينة حيفا ويخدم في الجيش منذ عام 2001 في مناصب مختلفة ويتحدث العربية بطلاقة، وينحدر من أصول سورية حيث تنتمي عائلته إلى يهود سورية، ممن هاجروا من درعا منذ عقود.

كثيرا ما يخاطب الرأي العام العربي بشيء من المغالطات والحجج الواهية والعقيمة التي يجيد تفسيرها وفق المصلحة الإسرائيلية، ولا يقتصر على هذا الجانب فقط بل يتدخل في الجانب الأدبي والديني بأسلوب يهدف إلى تخدير المتلقي العربي وتدمير ما تبقى لديه من حقائق دامغة هي حصيلة صراع وجود ممتد منذ سنوات طويلة، يأتي هذه المرة بقوة ناعمة بعدما ضمن القوة العسكرية، إضافة إلى ذلك والذي ساعد على تجرئه الواقع العربي المأسوي والمحزن الذي انهارت فيه عوامل المقاومة والمواجهة بفعل الحروب والصراعات الأهلية الطاحنة في بعض الدول العربية.

عندما تسمعه يتحدث تجد في حديثه نوعا من الشماتة والتهكم وشعور الاستعلاء من خلف بدلته العسكرية، فنقول لأفيخاي إنه من الصعب جدا تغيير ذهنية المتلقي العربي الذي عاش مأساة فلسطين وتشريد أهلها وقتلهم بطريقة بشعة متعمدة منذ عام 1948، ومازال يعيش حالة من القهر والذل والقتل الذي أنت مشارك فيه عبر العصابات المستعربة التي تهاجم البيوت ليلا ونهارا، إضافة إلى قطعان المستوطنين الذين يعيثون فسادا وتخريبا في كل ما هو ملك فلسطيني تحت مراقبتك، لعلك تنسى الكثير من الحقائق التي تسجل في تاريخكم الأسود على أرض فلسطين، نذكر منها وهي غيض من فيض في العهد القريب حادثة باروخغولدشتين في قتل المصلين بدم بارد وآخرها أحداث غزة الجريحة، عندما نشاهد بعض وسائل الإعلام الغربية والتي تقع تحت السيطرة الصهيونية تردد كل يوم ما فعلته النازية باليهود منذ الحرب العالمية الثانية في محاولة للابتزاز والاستعطاف الذي لا ينتهي، نتعجب منك ومن وقاحتك في أن تطلب من المتلقي العربي أن ينسى ويمسح من ذاكراته كل ما قمت به ويفتح صفحة جديدة في التعامل معكم.

إذا ابتعدنا عن الأحداث يبقى هناك أيضا التصريحات العنصرية والعدوانية التي تطل علينا بين فترة وأخرى من مجتمعك الذي يدعي بأنه الواحة الوحيدة في تطبيق الديمقراطية في الشرق الأوسط. نستدل في ذلك بخطاب شمعون بيريز أمام أحد اجتماعات الاشتراكية الدولية عندما قال إن (إسرائيل دولة مزدهرة في محيط قذر)، وكذا ما جاء على لسان زعيم حزب شاس الديني الذي يكن الكراهية للعرب والمسلمين الحاخام عوفاديا يوسفي في أحد دروسه الدينية في مايو 2000 عندما قال "إن العرب صراصير يجب قتلهم وإبادتهم جميعا". ولم يتوقف عند ذلك الحد بل استمر في تصريحاته عندما قال في أغسطس 2004 في خطبة بثتها الفضائيات الإسرائيلية إن "اليهودي عندما يقتل مسلما فكأنما قتل ثعبانا أو دودة ولا أحد يستطيع أن ينكر أن كلا من الثعبان أو الدودة خطر على البشر، لهذا فإن التخلص من المسلمين مثل التخلص من الديدان أمر طبيعي أن يحدث". وظهر بعدها على التلفزيون الإسرائيلي وأعاد كلامه مع تأصيله من وجهة النظر اليهودية، زاعما أن الدين اليهودي يحث على التخلص من كل من يسكن فلسطين، وأنه جاء في التلمود "إذا دخلت المدينة وملكتها فاحرص على أن تجعل نساءها سبايا لك ورجالها عبيدا لك أو قتلى مع أطفالهم". فنقول يا أفيخاي أنت تردد والمستوطنون معك عبارة (فلتشتمني الأرض إذا نسيتك يا أورشليم) ونحن نردد: لن أنساك يا فلسطين حتى القبر.