من حديث الأمير فيصل بن خالد بن عبدالعزيز، أمير منطقة عسير، للإعلام ما قبل الأمس أخذت الجملة التالية "نحن نرحب بالنقد الهادف الذي يسهم معنا في دفع عجلة التنمية...." وسأكتب الحقيقة. إن الإعلام دائماً ما يذهب إلى القصص السالبة في مسيرة التنمية لأن هذه طلبات الجمهور وإلا فإن الحديث عن المنجز الموجب يستحق مساحات مضاعفة من أي وسيلة إعلامية.

هنا المدخل: قبل ما يقرب من ثلاث سنوات تحدث سمو أمير منطقة عسير عن مشاريع تنموية تحت الإنشاء الفعلي بقيمة 60 مليار ريال وسنحتاج إلى ثلاث سنوات قادمة كي نرى هذه المشاريع وقد غيرت "أديم" المنطقة. وما سأقوله اليوم بكل وضوح هو ما يلي: نظام إدارتنا المحلي هو من يرمي أمراء المناطق المختلفة في قلب أعاصير النقد التنموي بينما نعرف كلنا الحقيقة في أن كل الإدارات المختلفة تأخذ توجيهاتها من الجسد المركزي في وزاراتها المختلفة.

المطلوب بالضبط هو إعطاء صلاحيات واسعة وإشرافية لأمراء المناطق كي يتمكنوا من المحاسبة المباشرة لتقصير أي مسؤول أو فشل أي مشروع أو تعثره. وإذا تحدثنا في المعدل المتوسط عن 50 مليارا من المشاريع في كل منطقة فإننا بالمحصلة نتحدث عما يقرب من 700 مليار في كل مناطق المملكة. هذا الرقم الخرافي تصعب إدارته مركزياً، بينما نحن نعلم أن هيبة "الأمير" القريب من تفاصيل المكان، على الإدارة والمقاول، أقوى من تأثير معالي الوزير الذي قد لا يقابله سعادة المدير العام إلا مرة كل بضعة أشهر، وخذ بالمثال أن سمو أمير منطقة عسير أكثر من يعرف أولويات التنمية في هذا المكان وهي مشاريع المدينة الطبية والجامعة والأمن المائي. لكنه، وكل أمير منطقة بحاجة إلى صلاحية المحاسبة كي يتمكن من وضع أصابعه على الجرح النازف في عثرة هذه المشاريع. بحاجة إلى أن يكون المستشار الأساسي الأول عن التخطيط لميزانيات المشاريع لأن أمراء المناطق أكثر من يفهم ترتيب الأولويات للمشاريع في مناطقهم المختلفة. وعوداً على بدء: نحن من وضع أمراء المناطق تحت مجهر النقد عند الحديث عن التنمية دون أن ننتقد أنظمة المناقصات والعقود والترسية وكل قوانيننا المالية والإدارية التي ظلت عالقة في سحابتها المركزية ولم تتغير منذ أكثر من أربعين سنة.