يحكى أن مزارعا اشتكى لإمام مسجد قريته بأن هنالك من يسرق الدجاج من مزرعته، وأنه لا يستطيع اتهام شخص بعينه، فتعاطف معه إمام المسجد ووعده بكشف السارق. وفي يوم الجمعة اجتمع سكان القرية للصلاة في المسجد، وخطب الإمام فيهم عن الأمانة وعقوبة السرقة، وقام بتقريع سارق الدجاج الذي سينكشف أمره يوما ما بسبب الريش العالق برأسه، فلجأ الفاعل فورا إلى مسح رأسه وتنظيفه، ففضح نفسه أمام الإمام وسكان القرية.

هذه القصة تذكرنا بوزير الخارجية الإيرانية (الظريف)، الذي فضح نفسه أمام شعوب القرية الكونية أثناء زيارته بعض الدول الخليجية في الأسبوع الماضي بعد تفجيرات البحرين، ليحثنا على ضرورة تعاوننا مع إيران لاجتثاث شأفة الإرهاب، متجاهلا أكوام الريش اللاصق برأسه ومتناسيا أطنان "البطحاء" المتراكمة على رأس مرشده (العفيف)، التي تؤكد دون أدنى شك تورط إيران في الإرهاب وتأجيج فتيله في المنطقة العربية والعالم أجمع.

فمنذ قيام الجمهورية الإرهابية في عام 1979، عكفت إيران على تمويل وتدريب فلول الإرهاب وتوفير الأسلحة والمتفجرات وتقديم الملاذ الآمن لهم. ففي تقريرها الأخير الصادر في عام 2014 وصفت الخارجية الأميركية إيران بأنها الدولة الأكثر نشاطا في رعاية الإرهاب؛ مما يؤهلها لتكون البنك المركزي لتمويل الإرهابيين في المنطقة، مثل حزب الله في لبنان، وميليشيات الحراك الشعبي في العراق، وفلول الحوثيين وأذنابهم في اليمن، إضافة إلى تدخلها السافر لدعم سفّاح الشعب السوري.

ولطالما اتهمت دول العالم الحرس الثوري الإيراني بنشر أيديولوجية الثورة الإيرانية في المناطق المجاورة من خلال تدريب وتمويل المنظمات الإرهابية، واستخدام ذراعه "فيلق القدس" لتدريب المتشددين. ولعل أكبر دليل على ذلك يتمثل في سلسلة مؤتمرات الحرس الثوري الإيراني المتكررة سنويا منذ عام 1995، التي شاركت فيها المنظمات الإرهابية كافة من جميع أنحاء العالم، مثل الجيش الأحمر الياباني، والجيش السري الأرمني، وحزب العمال الكردستاني، وحزب الدعوة الإسلامية العراقي، والجبهة الإسلامية لتحرير البحرين، وحزب الله في لبنان. وتهدف هذه المؤتمرات إلى توفير التمويل والتدريب للمنظمات الإرهابية، ومساعدتها على زعزعة الاستقرار الإقليمي والعالمي. كما شهد العالم خلال العقود الثلاثة الماضية ضلوع إيران في عمليات الخطف والتفجيرات والاغتيالات التي استهدفت الأهداف العربية والغربية معا، وبدأت باقتحام عصابات الجمهورية الإرهابية في 4 نوفمبر عام 1979 لمبنى السفارة الأميركية في طهران، واحتجاز 90 من موظفيها كرهائن لمدة 444 يوما، للمطالبة برفع الحظر الأميركي المفروض على الأصول الإيرانية المجمدة في مقابل إطلاق سراح الرهائن.

وتوالت العمليات الإرهابية الإيرانية منذ ذلك التاريخ بتفجير السفارة الأميركية في بيروت في 18 أبريل 1983، مما أسفر عن مقتل 58 أميركيا ولبنانيا. وتبعها قصف ثكنة قوات مشاة البحرية الأميركية في بيروت التي قتل فيها 241 أميركيا و58 من قوات حفظ السلام الفرنسية، ثم تفجيرات الكويت بالتعاون مع حزب الدعوة العراقي. وفي 20 سبتمبر 1984 تم تفجير مرافق تابعة للسفارة الأميركية في بيروت، مما أسفر عن مقتل 24 شخصا، تبعها في 14 يونيو 1985 اختطاف الطائرة الأميركية "تي دبليو إيه"، واحتجاز 39 راكبا أميركيا على متنها كرهائن لمدة أسابيع. وفي 5 أبريل عام 1988 تم اختطاف طائرة الخطوط الكويتية وإجبارها على الهبوط في مدينة مشهد الإيرانية، والمطالبة بالإفراج عن 17 مقاتلا شيعيا كانوا مسجونين في دولة الكويت.

وفي 25 يونيو 1996 تم تفجير أبراج الخبر في السعودية، مما أسفر عن مقتل 19 شخصا، لتثبت الأدلة الدامغة تورط القيادة الإيرانية في العملية الإرهابية. وفي 18 يوليو 2012 أثبتت التحقيقات ضلوع إيران في تفجير حافلة في مطار بلغاريا، مما أسفر عن مقتل 6 من الركاب.

واليوم، بعد تصريحات القيادة الإيرانية الأخيرة في الأسبوع الماضي، يشهد العالم أجمع مرة أخرى تورط مجموعات إيران الإرهابية بتنفيذ عملياتها داخل جزيرة سترة بمملكة البحرين، بعد أن مسح الوزير (الظريف) دماء الشهداء من على رأسه، وحسحس المرشد (العفيف) أكوام البطحاء المتراكمة على رأسه؛ لتؤكد إيران أن هذه العملية الإرهابية ليست إلا سلسلة من مئات العمليات داخل مملكة البحرين خلال العقود الثلاثة الماضية.

وتؤكد المعلومات الأولية لحادثة البحرين أن المواد المتفجرة المستخدمة هي نفسها التي ضبطت يوم 25 يوليو الماضي، بعد إحباط عملية تهريبها من إيران إلى البحرين، وتضمنت اعترافات "مهدي صباح عبدالمحسن" أحد المتهمين في عملية التهريب التي اشتملت على اعترافاته بأنه تلقى مع زملائه تدريبات عسكرية مكثفة في إيران عن كيفية صنع واستخدام المتفجرات بهدف نشر الفوضى وزعزعة أمن البحرين.

وفي مفاجأة فجرها الدبلوماسي الإيراني المعارض حول التفجير الإرهابي الذي استهدف مسجد القديح بالقطيف السعودية، أكد "فرزاد فرهنكيان" أن التفجير جاء تنفيذا لتوجيهات المرشد الأعلى علي خامنئي ضمن سلسلة عمليات إرهابية تستهدف السعودية. فخلال الندوة التي أقامها مركز الشرق والغرب الاستراتيجي في فرنسا قبل أيام، قال فرهنكيان: إنه اجتمع مع بعض المعارضين الذين كانوا يحتلون مناصب كبيرة في الحرس الثوري الإيراني الذين أكدوا له: "أن هذه العمليات جاءت بعد شعور المرشد وحكومته بحالة ارتباك شديدة وأصبحوا في وضع لا يحسدون عليه بعد خسائرهم في اليمن، ليقوموا بإطلاق التهديد والوعيد للسعودية في محاولة لرفع معنويات أتباعهم".

وهكذا فضحت ريشة الإرهاب كذب وزير إيران (الظريف)، وأطاحت البطحاء بعمامة مرشده (العفيف).