أكتب هذا المقال تحت شلال الغيمة وموسيقى "البرد" الذي يقذف بأحجاره الصغيرة البيضاء على أديم هذه المدينة. كنت أبحت عن فكرة للكتابة. وجدتها، وأحياناً قد تكون السحابة أدهى من تخطيط وخطط عشرات المسؤولين الذين يدفعون ملايين الريالات من المال العام بحثاً عن فكرة اقتصادية. الفكرة تكمن في الجملة التالية: لماذا اختارت المؤسسة الرياضية مدينة "لندن" كمكان للسوبر القريب ما بين هيبة الهلال وكاريزما النصر؟ سأعترف أولاً أنني لا أفهم العائد الاقتصادي الذي سيعطيه لنا ملعب "كوينزبارك"، فلا يستطيع ملعب "المحالة" في أبها أن ينافسه. ظهر الأمس، كانت درجة الحرارة في أبها أقل بثلاث درجات من ظهيرة باريس، وأقل بخمس درجات عن قرينتها في جنيف، وأرجو ألا يذهب منكم أحد إلى المقاربة والمقارنة بين ما يمكن أن تقدم المدن المختلفة لزوارها وسياحها، فهذا أمر محسوم.

سأنشر اليوم "فضيحة" قصة قديمة، قبل عامين بالضبط، لعب المنتخب السعودي مباراته المصيرية أمام أستراليا في التصفيات التمهيدية لكأس العام في مدينة الدمام الغالية، وخرجنا يومها بهزيمة مذلة. أردنا يومها أن نسحب الأستراليين إلى الوحل والرطوبة، فاكتشفنا أن لاعبي منتخبنا لا يستطيعون سحب أرجلهم في "آب اللهاب" تحت 37 درجة من الحرارة المسائية. في اليوم التالي هاتفت الصديق الغالي "أحمد عيد" معاتباً على اختيار الدمام في هذا التوقيت من العام بينما ملعب "المحالة" الذي يعرفه جيداً يستطيع إخراجنا من الهزيمة. كان جوابه على أذني أشبه بالصاعقة: ملعب "المحالة" لا يستوفي اشتراطات الاتحاد الآسيوي لكرة القدم، لأن ساعة الملعب متعطلة ولم تخضع لصيانة رعاية الشباب منذ عامين. سأقول اليوم ما يلي: أحياناً كثيرة تهزمنا الساعة المتعطلة عن عشرات الأفكار الاقتصادية الملهمة، ومن يدري فقد يكون خلل الساعة ليس إلا جفاف "البطارية" التي تحتاج إلى بضعة "أحجار" بمئة ريال. تقول أعلى الأرقام تفاؤلاً إن ألفي مشجع من جماهير النصر والهلال سيغادرون الرياض إلى لندن، لكننا لم نفكر أبداً في عائدات ما لا يقل عن عشرة آلاف غرفة سكينة لو أن المباراة لعبت تحت زخات ذات المطر، ولكن في "المحالة" وحسبنا الله على أحجار بطارية ساعة معطلة. تقول الأرقام المؤكدة إن 17 فريقاً كروياً سعودياً يعسكرون اليوم خارج حدود الوطن... وللدهشة المكتملة بينهم أربعة فرق في مدينة الإسماعيلية المصرية التي تبلغ حرارتها اليوم 41 درجة مئوية، ماذا يمكن للإسماعيلية أن تقدم ما لا يمكن للطائف والباحة وأبها أن تقدمه. إذا كان الخلل في أحجار بطارية ملعب فأنا على استعداد لشرائها والتبرع بها.