رسالة محملة بالأسى بعث بها الأسبوع الماضي الدكتور محمد بن علي العمري عضو هيئة التدريس في جامعة الملك خالد يقول فيها: كان موعد مناقشة إحدى طالباتي في رسالتها للماجستير اليوم الساعة الواحدة ظهرا، وكان من المفترض أن يصل المناقش الخارجي من الطائف على متن رحلة للخطوط السعودية تصل إلى مدينة أبها عند العاشرة والنصف صباحا، لكن كالعادة لم تقلع الطائرة في موعدها، وتأخر الإعلان لحوالي الثانية عشر ظهراً، وقتها اتصل بي وبشرني بقرب إقلاع الرحلة المتأخرة فانطلقت إلى قاعة المناقشات بكلية البنات فوجدت في استقبالي زوج الباحثة وأولادها الذين وصلوا في معيتها من محافظة محايل عسير وخمسة من إخوانها الذين تبين أن أكبرهم قدم من حفر الباطن لحضور مناقشة أخته، وأن اثنين قدما من الرياض واثنين من مكة، وبدوري أخبرتهم أن المناقش الخارجي على متن الطائرة الآن، لكن المفاجأة حدثت قبيل الساعة الواحدة عندما اتصل الدكتور معتذرا بعدما أبلغتهم الخطوط السعودية بإلغاء الرحلة..!
ويضيف الدكتور العمري بحسرة: أعلنتُ أن المناقشة ألغيت لعدم حضور المناقش الخارجي وأنه سيحدد موعد آخر خلال الأسبوعين المقبلين.
وقصة الدكتور العمري هذه ليست إلا قصة من آلاف القصص التي نسمعها منذ سنوات حول تواضع خدمات الخطوط السعودية رغم الدعم الحكومي الهائل لقطاع الطيران، ولك عزيزي القارئ أن تتخيل حرج هذه السيدة مع ضيوفها الذين دعتهم لحضور المناقشة بعدما تجشموا عناء السفر من مناطق مختلفة، ولك أيضا أن تتخيل كم من الوقت الثمين أهدَره الدكتور العمري وضيفه من الطائف في انتظار الرحلة التي ألغيت دون سابق إنذار!
مشكلة المواطن مع الخطوط السعودية تبدأ من الحجز، فالرحلات قليلة مقارنة بكمية الطلب المتنامية، فضلا عن أن بعض موظفي الحجوزات لا يتعاملون بمرونة مع المسافر ولا يردون على الهواتف المخصصة لخدمة العملاء بانتظام، وكم تسبب شح الرحلات الجوية في قتل مواسمنا وفعالياتنا السياحية؟ والمشاكل لا تتوقف عند ذلك بل تمتد لتأخير مواعيد الإقلاع دون مبررات مقنعة، بل إن الخطوط السعودية مقصرة في تعويض وإيواء المسافرين الذين تتأخر مواعيد إقلاع رحلاتهم أسوة ببقية الخطوط الجوية العربية والعالمية مما يضطر المسافر في أحيان كثيرة للبقاء ساعات طويلة في صالات المطار! وحتى تأخر مواعيد إقلاع الرحلات يكون في غالب الأحيان لأسباب غير مقنعة، فهذه رحلة ألغيت بسبب خلل فني طارئ، وتلك رحلة أخرى تأخر إقلاعها بسبب عدم قدوم كابتن الطائرة في الوقت المحدد، ورحلة ثالثة تم تأجيلها هكذا دون توضيح أو تسبيب!
الغريب أن مسؤولي الخطوط السعودية يتسابقون لتبرير الأخطاء والتنصل منها، وهو ما يوحي بعدم الرغبة في التطوير وتلافي الأخطاء، بينما الحل الذي ينشده كل مواطن هو توفير رحلات بمواعيد ثابتة تحفظ وقته وماله وجهده، أو تعويضه في حال تأخر إقلاع رحلته لظرف خارج عن الإرادة.