يقول المثل الشعبي الساخر: "قال خذ رزق.. قال ما معي ماعون".. الذي يعرف بلادنا يلمس الحاجة الكبيرة لليد العاملة في المجال الصحي.. أطباء وطبيبات.

وحينما تتقدم عقول شابة مؤهلة لكلية الطب ويتم رفضها بحجة الاكتفاء فهذه نكتة موسمية.. أبناؤك يتقدمون لخدمتك وترفضهم، وتستعين بالأجنبي!

عجزت -والله لا أبالغ- أن أفهم حكاية اكتفاء كلية الطب، ومحدودية المقاعد. من يستطيع أن يشرح لي ما معنى مفردة اكتفاء؟! وما المقصود بمحدودية المقاعد؟! من الذي يحدد عدد المقاعد في بلد يعاني فقر الأطباء والطبيبات من أبنائه وبناته؟! كيف أستطيع أن أفهم رفض قبول أبناء البلد في كليات الطب، بينما اللجان الصحية تجوب العالم بحثا عن طبيب يوافق على العمل في أطراف بلادنا؟!

كل الأعذار التي سمعتها مضحكة.. المباني باستطاعتنا إنشاؤها.. بدل أن يكون لدينا مبنى لا يتسع سوى لثلاثين طالبا نستطيع أن نُقيم مبنى يتسع لمائة طالب وطالبة.. بدلا من أن يكون لدينا هيئة تدريس لثلاثين طالبا نستطيع التعاقد مع هيئة تدريس متميزة تستطيع تدريس ألف طالب وطالبة.. ولا يعني ذلك الإخلال بمعايير القبول، أو جودة المخرجات.. لكن كل من يمتلك المؤهل لدخول كلية الطب نفتح له الباب على الرحب والسعة.. أظن أنني بحاجة للتكرار بصيغة أخرى: يجب تشجيع الطلبة والطالبات على دخول كليات الطب مهما كان عددهم، بشرط ألا يُقبل في هذه الكليات إلا من يجتاز شروط القبول ويكون مؤهلا بالفعل حفاظا على المخرجات.

لدينا تجارب وطنية وقف خلفها رجال أفذاذ رحمهم الله، لماذا لا نستفيد منها؟ لماذا لا نستفيد مثلا من تجربتنا في توطين الوظائف التعليمية، حينما كنا نقبل في الجامعات وكليات المعلمين آلاف المعلمين والمعلمات؟ واستطعنا خلال 10 سنوات أن نوطن هذه المهنة بنسبة100?؟

لن أضع استفهاماتي أمام وزير التخطيط، لكنني أضع هذه الاستفهامات والمقترحات أمام مقام خادم الحرمين الشريفين يحفظه الله، نحن يا سيدي بحاجة لخطة استراتيجية نحو توطين مهنة الطب في بلادنا خلال جدول زمني واضح.. افعلها فالأجيال القادمة ستسجل لك أنك عرّاب التوطين، افعلها لا عدمناك.