عاش اتحاد كرة القدم السعودي فترة طويلة جدا وهو مرتبط ارتباطا وثيقا بالمرجعية الحكومية بدءا من وزارة الداخلية التي كان لها سبق انضمامه للفيفا عام 1956 تحت مسمى إدارة الكشافة والرياضة بمكة المكرمة ثم وزارة المعارف ثم وزارة العمل وأخيرا الرئاسة العامة لرعاية الشباب.

قبل عامين ونصف جرت أول انتخابات كاملة لأعضاء مجلس إدارة الاتحاد والرئيس وتمت العملية بشكل مقبول إلى حدٍ ما وإن كانت الإجراءات ليست دقيقة، ولكن المهم تمت وبدأ أول اتحاد منتخب مستقل يمارس سلطاته الإدارية في مجال اللعبة.

اليوم الارتباط لايزال كما هو ولم يتحرك الاتحاد السعودي خطوة واحدة في سبيل الاستقلال عن المرجعية الرسمية من حيث خطط وبرامج الاتحاد وليس من جوانب إدارية وبنية تحتية ومالية وأمنية لأنه وللأسف لايزال كثيرون لا يستطيعون التفريق بين التدخل الحكومي والدعم الحكومي.

الفيفا يرحب كثيرا بالدعم الحكومي كبناء الإستادات وتطوير التجهيزات والدعم المالي والأمني والصحي لبرامج وخطط الاتحاد وأنشطته الموسمية، ولكن الفيفا يرفض التدخل في صلب عمل الاتحاد من حيث رفض أو تعديل أو تغيير أو وجوب الموافقة على البرامج والخطط والأنشطة والآليات واللوائح التي تسير اللعبة.

بل إن الفيفا وضع اتفاقية معيارية تحدد العلاقة بين الجهة الحكومية في الدولة وبين الاتحاد المحلي، وكنت أتمنى أن يكون اتحاد القدم قد حرص على توقيع هذه الاتفاقية، ولكن وعلى الرغم من أنني كتبت عن هذه الاتفاقية أكثر من مرة، ولكن لا حياة لمن تنادي.

إن العمل المؤسسي في لعبة كرة القدم يحتاج إلى اتفاقيات ولوائح لتأطير الإجراءات والضوابط والتنظيمات، وإن بقاء الأمور غير واضحة ومعلقة لن يساهم في تطوير أعمال الاتحاد، خصوصا أن هذا الاتحاد في رأيي مهمته الأساسية بناء الجانب الإداري التنظيمي الإجرائي لأعمال الاتحاد لتخدمه في السنوات القادمة.

ولاتزال المكاتب الرئيسية والفرعية للرئاسة العامة لرعاية الشباب هي من يدير ويشرف وينظم برامج الاتحاد ومسابقاته في معظم المناطق والمحافظات وحتى اللحظة لا يوجد فرع للاتحاد مستقل في جدة أو مكة أو الدمام أو أبها أو القصيم أو الأحساء أو غيرها من مدن ومحافظات المملكة.

بل إنني لا أعتقد أن مثل هذه الرؤية وهذا المشروع مطروح أصلا في خطط الاتحاد أو حتى تمت مناقشته في اجتماعات الاتحاد أو تمت دراسته من أي لجنة مختصة في الاتحاد أو شكل له فريق عمل لدراسته والبحث عن أساليب وحلول للوضع القائم لضمان استقلالية الاتحاد.

أتمنى أن يستثمر أعضاء الاتحاد السعودي لكرة القدم الذين سيتواجدون في لندن الأسبوع القادم معقل كرة القدم للقيام بزيارة الاتحاد الإنجليزي (وهو الاتحاد الوحيد في العالم الذي يحمل اسم "اتحاد الكرة" لاعتقادهم أن شهرته تغني عن ذكر اسم الدولة) ومحاولة الاستفادة من خبرته في مجال إدارة اللعبة وإجراءاتها وقوانينها ونوعية المسابقات وارتباطها بالدعم الحكومي واستقلالية الاتحاد.