في إطار التخويف المستمر من الأخطار والحروب والانقسامات والذي تجاوز في بعض أموره إلى أنه أصبح يهددنا مباشرة، بات تساؤل يتردد في ذهن كثيرين من مواطني دول مجلس التعاون فحواه: أيهما أشد سوءا وخطرا على منطقتنا إيران أم إسرائيل؟.

لن نسير خلف الشعارات التي لعبت بنا زمنا طويلا حتى بات دحر إسرائيل محور الانقلابات وأول الشعارات، وحتى إيران ومنذ بدء ثورتها كانت على النهج نفسه -صوتا- على الرغم من أنها لم ترم حتى بريشة على إسرائيل، نعم إسرائيل احتلت دولة عربية وباتت تجيش العالم معها وأصبح طردها صعبا لأفضليتها تقنيا وعسكريا على كل العرب، غير أن أميركا وأوروبا ظلتا سندين لها؛ مما جعل أمر محاربتها والخوض فيه من الماضي.

نقول إن كل عربي أصبح يعرف وضع إسرائيل وحجم تهديدها، وبات مدركا أكثر حيث إن الضحك عليه أصبح من الماضي فليس بمقدور خطاب رئيس أو صحيفة، وحتى إذاعة كما هي إذاعة صوت العرب لتقول إنها كشفت مخططا أن إسرائيل تريد بلاد العرب من النهر وحتى البحر، لأن إسرائيل قبعت في مكانها، ولم ترسل من يثير الفوضى في بلادنا أو يدعم الظلاميين والانقلابيين.

وفيما يخصنا كخليجيين هي عدو من بعيد ومن باب العروبة والتعاطف مع كل ما هو عربي.

فيما يخص إيران فهي بلد جار، لكنها لم تقبع في مكانها بل إن شرها امتد في كل الاتجاهات وباتت محورا حقيقيا لإثارة القلاقل والويلات، ولا تخجل من أن تعلن ذلك على الملأ كما فعل مرشدها الأعلى قبل أسبوع، وهنا لن نقرأ في الخريطة العبثية لإيران عبر بلاد العرب، لأن الكل يعي خطرها مع إدراك أنها تجاوزت إلى شق الصف والحروب الداخلية، وفي كل البلدان التي وضعت فيها قدما.

هنا نسأل أنفسنا عن الفرق بين إسرائيل وإيران، وأرجوكم كل الرجاء أن تبعدوا المقاييس الدينية ولا تستحضروا العداءات الطائفية، بل نحن إزاء دولتين بحجمهما حتى وإن احتججنا على تسمية إسرائيل بذلك، ونرفض احتلالها لبلد عربي، وفي كلتيهما لا نتوارى حينما نصفهما كضارتين لمستقبلنا ومعيشتنا كما كثير من العرب.

لنقرأ أوراق الضرر والتأثير والمشكلات والقلاقل، وما يحدث في لبنان والعراق وسورية واليمن والبحرين، فهل فعلت إسرائيل مثل ذلك؟ ولماذا تفعله إيران؟ هنا نحن لا نضخم خطر إيران، ولا نستسهل عدائية إسرائيل، لكن هذا ما هو ماثل أمامنا ونقرأه من الأفعال، وما يؤكد عليه قادة النظام في كلا البلدين، فلم نسمع عبر التاريخ لمسؤول إسرائيلي أن هدد بضرب أي موقع خليجي مع أن الخليجيين شاركوا في الحروب الثلاث بين العرب وإسرائيل، وعلى عكس ذلك ما تقوم به إيران، فكل الدلائل والحقائق تضعها في محل الضرر الأكبر على دول الخليج.

اذا لنحكّم العقل، ونعيد تداول المسائل حسابيا وتعامليا وحتى تاريخيا في إطار حسابات الربح والخسارة، وحسابات المصالح والاستقرار؛ كي نعلم من أشد خطرا إيران أم إسرائيل، وحين تعرفون النتائج فلتكن مصالحكم هي الأهم لو أغضبتم بعض العرب والخليجيين.