في حوار جانبي على هامش فعاليات – سوق عكاظ – قبل ثلاثة أسابيع قال الدكتور عبد العزيز الثنيان- الذي قضى في التعليم نحو ثلاثة عقود مديرا للتعليم ثم وكيل وزارة - إن (السعودة) أحدثت ضررا جسيما للتعليم العام، قلنا كيف ؟ قال متذكرا ما حدث عندما كان مديرا لتعليم الرياض قبل نحو ربع قرن: كنا نلغي عقود معلمين أكفاء من الأشقاء العرب، ونعين بدلا منهم خريجين سعوديين جددا من الجامعات في تخصصات لا علاقة لها بالتربية والتعليم لا من قريب ولا من بعيد، وهكذا كان يتم تحقيق طموح سعودي واحد في التوظيف على حساب مئة طالب سعودي آخرين يقوم هذا الموظف بتعليمهم عن غير علم، وهذا أفضى إلى ضعف الطلاب الذين حملوا ضعفهم معهم إلى الجامعات ثم عاد بعضهم للتدريس لتصبح حلقة الضعف مكتملة بسبب تلك السعودة التي لم تكن في مكانها السليم، ولم تكن مدروسة خاصة في ميدان مثل ميدان التعليم، والدكتور الثنيان لم يكن يروي ذلك متنصلا من المسؤولية لكنه كان ينفذ التعليمات التي رأت أن ابن الوطن أحق لكنها ربما لسبب أو لآخر نسيت أو تناست إضافة صفة – المؤهل – إلى جوار ابن الوطن ليكون التأهيل شرطا ملازما للجنسية .على أي حال ما مضى فات ،لكنني تذكرت ما قاله الدكتور الثنيان، وأنا أقرأ بإعجاب ما قاله الدكتور عبدالله العثمان مدير جامعة الملك سعود في كلمته التي ألقاها في ورشة العمل التي نظمتها وكالة الجامعة للتخصصات الصحية ،حيث قال : الجامعة لن توظف غير المؤهلين، ولن توظف السعوديين لمجرد أنهم سعوديون، وستوظف من كان مؤهلا بغض النظر عن جنسيته أو دينه.
إن هذه القاعدة الذهبية في التوظيف التي تحدث عنها الدكتور العثمان وأكد التزام الجامعة بها هي التي يجب أن تسود كل الجامعات السعودية دون استثناء سواء كانت حكومية أو أهلية ،ومع أنها قاعدة مهمة لكل قطاع في الدنيا، إلا أنها أكثر أهمية وحساسية في قطاع التعليم ،فهو القطاع الذي ينتج الكفاءات لبقية القطاعات وهو الذي بسببه تتقدم الأمم أو تتخلف، ولهذا لا بد أن يتم العض بالنواجذ على هذه القاعدة عند استقطاب أساتذة الجامعات وقبول المعلمين والمعلمات في التعليم العام ،ولكم أن تتصوروا لو أن تلك السعودة الضارة التي تحدث عنها الدكتور الثنيان لم تحدث، هل كان تعليمنا العام بهذا الضعف الذي هو عليه الآن، طبعا ليس المعلم وحده هو السبب لكنه أهم الأسباب وأخطرها ضعفا وقوة.