ربما لم تواجه تركيا يوما ما صعوبة في مكافحتها لحزب "العمال الكردستاني" كما حصل في الأسابيع الأخيرة، إذ بدأ الحزب يتغلغل في العمق التركي ليشكل تهديدا خطيرا على الحكومة والدولة نفسها.
وفي ظل ارتفاع منسوب التوتر إلى أعلى مستوياته في البلاد بعد الهجمات الإرهابية التي يشنها حزب العمال ضد الدولة التركية، لا نستطيع معرفة إلى أي مدى ستتطور الأمور في تركيا، خصوصا مع التعقيدات التي تعتري ملفات المنطقة.
فبالنظر إلى تصريحات القادة السياسيين والعسكريين الأتراك بشأن توتر الأوضاع في جنوب شرق الأراضي التركية، خصوصا بعد العملية النوعية التي نفذتها عناصر حزب العمال ضد القوات التركية أمس في ولاية حكاري جنوب شرقي البلاد، يستنتج المراقب الخارجي أن تركيا والأكراد في طريقهم إلى صدام لا مفر منه، ناجم عن المصالح التي لا يمكن التوفيق بينها وسط معارضة تركيا القوية للتطلعات الكردية في الاستقلال بجنوب شرق البلاد وشمال العراق.
وتعد المشكلة الكردية من أعقد حلقات الصراع التركي الكردي وبمنزلة البؤرة الملتهبة في جنوب شرق تركيا وعلى حدودها مع العراق وسورية وإيران.
فالتطور اللافت في أحداث المواجهات الكردية الأخيرة مع القوات الأمنية التركية مقارنة بالسنوات الـ10 الأخيرة يستوجب إدراك دوافعها وتداعياتها، ذلك أن ثمة عوامل أكثر أهمية ومحورية في تشكيل دوافع هذه الأزمة بين الجانين.
وقال الكاتب في صحيفة "تركيا اليومية" إسماعيل كابان في تصريح إلى "الوطن"، إن المعركة بين أنقرة وحزب العمال الإرهابي بدأت تأخذ منحى تصاعديا مع تكثيف الغارات على مواقع الحزب شمال العراق، مقابل استمرار الهجمات ضد القوات التركية داخل البلاد، إذ أدت آخر العمليات إلى مقتل عدد من الجنود الأتراك لتزيد من تعقيدات المشكلة الكردية في البلاد.
كما أكد كابان أن إيقاف الحرب مرتبط بوقف المجموعات المسلحة الاعتداء مجددا على تركيا، فضلا عن إلقاء أسلحتها والقضاء على التهديدات الناجمة عن هذا التنظيم الإرهابي.
فيما ترى بعض الأوساط الإعلامية أن الحرب التي أعلنتها تركيا ضد حزب العمال لن تكون دون تداعيات داخلية وإقليمية، فطبقا للمراقبين السياسيين ربما تحقق تركيا نجاحات عسكرية وأمنية ضد العمال الكردستاني، إلا أنه من الصعوبة الحديث عن تحقيق مكاسب سياسية كبيرة من الحرب ضد الأكراد.