تميزت زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، إلى الولايات المتحدة بالنجاح على جميع الأصعدة: السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية، ومما تميزت به، إضافة إلى أنها الأولى منذ مبايعة الملك سلمان، أنها لم تقتصر على الجانب السياسي فقط، أتت في ظروف سياسية دقيقة تعيشها المنطقة، بل حققت نجاحات لافتة في كل تلك المجالات.

ففي ظل ظروف دقيقة تحيط بالمنطقة جراء الأحداث التي تشهدها سورية والعراق واليمن، وحالة عدم الاستقرار التي تمر بها ليبيا ولبنان، فضلا عن محاولات إيرانية حثيثة لإثارة حالة من عدم الاستقرار في منطقة الخليج العربي، تارة عن طريق دعم المتمردين، أو عبر برنامجها النووي المثير للجدل، والذي أحاطت به كثير من الشكوك، منذ اللحظة الأولى للكشف عنه، إذ ارتفعت علامات الاستفهام كبيرة عن الهدف الرئيس الذي شيد من أجله، أتت الزيارة في هذا الظرف الدقيق، إذ التقى خادم الحرمين الملك سلمان الرئيس الأميركي باراك أوباما لتضع الزيارة النقاط على الحروف، لا سيما حول ما اكتنف علاقات بلديهما من تساؤلات عدة طرحت نفسها بقوة، خصوصا في ظل إقرار مسؤولي البلدين بوجود تباين في وجهات النظر حول كثير من الملفات الحيوية.


تطابق الرؤى

ونجح الزعيمان في وضع حد لتلك الحالة، إذ أكد بيانهما الختامي توافق الرؤى حول الملفات التي كانت عالقة بينهما، وأكدت المملكة رسميا تأييدها للاتفاق النووي الذي أبرمته الدول العظمى مع إيران، بينما جددت الولايات المتحدة تأكيدها الالتزام بتوفير الحماية لحلفائها في الشرق الأوسط، ولو استدعى الحال الاستعانة بأشد أسلحة الردع، وفق ما أكده نائب رئيس مجلس الأمن القومي، بين رودس، نقلا عن تصريحات سابقة للرئيس أوباما في ختام قمة كامب ديفيد التي عقدت في مايو الماضي.

وفيما يتعلق بالوضع في سورية، كانت دول الخليج العربي عموما، والمملكة على وجه الخصوص تتشكك في رؤية الإدارة الأميركية حول الأزمة الإنسانية التي عصفت بذلك البلد العربي، والمستمرة منذ قرابة خمسة أعوام.

فالإدارة الأميركية التي جددت مرارا على ألسنة مسؤوليها التزامها بإيجاد تسوية للأزمة، وفق مقررات "مؤتمر جنيف1"، وشددت على أنه لا مكان للأسد في مستقبل بلاده، بعد أن فقد شرعيته، اكتفت في الماضي بتكرار تلك الثوابت، دون أن تفعل شيئا ملموسا على الأرض، لذلك احتل هذا الملف حيزا كبيرا في القمة، إذ طلب الملك سلمان من الرئيس الأميركي الإيفاء بتعهدات بلاده في هذا الشأن.

من جانبه، أكد أوباما على موقف بلاده الثابت من الأزمة، وشدد على ضرورة تسريع البحث –مع الحلفاء– عن حل نهائي للأزمة، بما يضمن بقاء سورية موحدة، يحكمها نظام ديموقراطي، بعيدا عن الطائفية والمذهبية.


وحدةالمواقف

وتبادل الزعيمان القلق حول الأوضاع الإنسانية في اليمن، جراء الممارسات الحوثية، إذ جددا تمسكهما بأهمية عودة الحكومة الشرعية لممارسة عملها، وانسحاب المتمردين الحوثيين وفلول المخلوع، علي عبدالله صالح إلى أماكنهم الرئيسة، وضرورة تطبيق قرار مجلس الأمن رقم 2216. كما أبدى أوباما تقديره للاهتمام الذي توليه المملكة لدعم الجانب الإنساني.

ولم يغب الملف الفلسطيني عن المحادثات، إذ تعدّه المملكة ملفا رئيسا، ودعت إلى الاهتمام باستئناف مفاوضات السلام، وفق مرجعية حل الدولتين.

وفيما يتعلق بالملف العراقي، أشاد الجانبان بالإصلاحات التي بدأها رئيس الوزراء حيدر العبادي، وأمنا على ضرورة دعمها.





اتفاقات اقتصادية

وكما وضعت الزيارة حلولا لكل القضايا السياسية، شهد الملف الاقتصادي حراكا كبيرا خلال الزيارة، فقد التقى خادم الحرمين عددا من رؤساء الشركات الأميركية، خلال الحفل الذي أقامه مجلس الأعمال السعودي الأميركي، في تأكيد من جانبه على السياسة التي تنتهجها المملكة في فتح الباب للاستثمار الأجنبي، وفق سياسات اقتصادية واضحة.

كما أكد عدد من رؤساء الشركات الأميركية العاملة في المملكة سعادتهم بزيارة خادم الحرمين للولايات المتحدة ولقائه بهم، وقدموا له إيجازا عن مشاريعهم الاستثمارية في المملكة، مبدين سرورهم بالعمل جنبا إلى جنب مع الشركات والمؤسسات السعودية.