علمتني تجارب الحياة، أن لا آخذ كل فضيلة يظهرها الإنسان بمأخذ الجد، فلا بأس أن نطبق حول كل ما يحيطنا من شعارات رنانة وصور ذهنية لما يعرف بمفهوم الشك المنهجي، وحتى لا أتهم بالتغريب فلن أكون مقلدا لرينيه ديكارت الفرنسي، بل سأكون مقلدا للجاحظ العربي، فهو أول من دعا لانتهاج منهج الشك.
ودائما ما يقدم مسؤولو الأندية أنفسهم على أنهم أهل الغيرة على الكيان، وهم أهل الحل والربط، وهم حماة الكيان وحصنه الحصين، ومن شدة تفانيهم في حب الكيان فقد قدموا قوت أطفالهم لإرضاء جماهير النادي، ودفعوا ملايين الدنيا وكل حطامها قربانا في سبيل الكيان المحبوب.
علمتني تجارب الحياة، أن كل من يتظاهر بزهده في المال، وأن كل ما يحويه جيبه الخاص هو فداء لعيون الكيان، فإنه في الحقيقة لا يدفع من جيبه الخاص مليما واحدا، وما عليك يا عزيزي القارئ إلا تطبيق منهج الشك الديكارتي أو الجاحظي للبحث عن المنبع الحقيقي للمال.
وفي نادي الشباب الحبيب وفوق ترابه الطاهر يتصارع المشرفون على الفئات السنية صراعا حاميا للفوز بشرف الإشراف على الفئات السنية، وإقصاء كل منافس لهم بشتى الأساليب والطرق المتاحة، فلا أحد يقبل أي منصب في النادي باستثناء الإشراف على الفئات السنية، فما هو السر الدفين وراء الفئات السنية؟
رحل الزعيم واختلط الحابل بالنابل وعاد التنافس المسعور على الفئات السنية، وعاد أنصار الأندية المنافسة وأصحاب الميول المختلفة، فالكل يريد أن يقدم خدماته الجليلة للفئات السنية، حتى لو اضطر لبذل ماله وقوت أطفاله في سبيل التعاقد مع أقرب لاعب في أقرب حارة.
وعند التعاقد مع الموهبة الواعدة بعد سباق طويل مع الخصوم، لا ينسى المسؤول العاشق أن يوثق مراسم التسجيل ولا ينسى الشركاء التصوير مع الموهبة الواعدة، فالكل يريد أن يشارك في الإنجاز التاريخي في كسب الموهبة الواعدة قبل أن يختطفها الخصوم المتربصون بها، ولكن بعد مرور سنة أو سنتين، وبعد أن يأكل الموهبة الواعدة ويشرب من خيرات الكيان، نجده لاعبا متوهجا في ناد آخر بعد بيع عقده بمبلغ يتجاوز أضعاف المبلغ المدفوع له من جيب العاشق الخاص.
عالم الفئات السنية هو عالم خاص، منفرد بذاته له صالوناته وجلساته الخاصة، تدور فيه اجتماعات البيع والشراء والتفاوض بعيدا عن أعين الجماهير، ولا مجال للشك بأنها بيئة طاردة للمواهب والطاقات يضاف لها أن الأندية أساسا أصبحت تعتمد اعتمادا كليا على اللاعب الجاهز، مما يعني أن مستقبل الفئات السنية هو مستقبل غير واعد وغير مشرق للأسف الشديد.