عندما يقدم عضو مجلس بلدي استقالته هذه الأيام، فلا تفسير إلا أنه "انسحاب تكتيكي" من الدورة الحالية التي شارفت على الانتهاء، وذلك بهدف حشد الجهود وكسب أصوات ناخبين للدورة الثالثة والتي ستبدأ رسميا في السابع من الشهر المقبل!

لا يمكن لـ"نافوخ" المرء استيعاب تبرير الاستقالة أنها جاءت لعدم تحقيق العضو ما يرضي ناخبيه، أو اكتشافه متأخرا عدم رضاه عن أداء المجلس. فمثل هذه الأعذار كمسببات لاستقالته تدخل ضمن الكلام "المأخوذ خيره"، وإلا أين كانت تلك القناعة وذلك الاكتشاف طوال الفترة السابقة؟!

إن كان عضو المجلس البلدي المستقيل صادقا في مبررات استقالته، ليثبت ذلك حقا بعدم ترشحه للانتخابات القادمة، فلا يعقل أن يكون جرى تغيير جوهري خلال المدة الزمنية القصيرة ما بين استقالته وانطلاق الدورة الجديدة ليجعله مؤمنا بأن الجو أصبح أكثر ملاءمة للإنجاز مقارنة بالدورة السابقة!

وحتى لا نقع في فخ التعميم.. فقد يحدث أن يعتذر بعض الأعضاء عن الاستمرار -لكن ليس بمثل هذا الوقت- إما لعدم وضوح بعض مواد اللائحة التنفيذية لعمل المجالس البلدية وضبابية حدود الصلاحيات، أو عدم التمييز بين مهام المجلس البلدي واختصاصات البلدية، خصوصا فيما يتعلق بالأنظمة وآليات المشاريع والميزانية والإيرادات والمصروفات، أو ربما لسوء العلاقة بين المجلس البلدي والبلدية وتحديدا في مسألة مراقبة أداء الأخيرة والعمل على رفع كفاءتها وتحسين الخدمات. مثل هذه الاستقالات لها أسبابها المعقولة، بل إن بعضها بمثابة تعبير حضاري عن الامتعاض من الأداء البيروقراطي للمجلس البلدي أو البلدية على حد سواء.

لكن أن "يتذاكى" عضو مجلس بلدي على ناخبيه، فيمضي أربع سنوات دون تقديم ما يشفع له، ثم يخرج قبل أن تنتهي دورته بفترة وجيزة معلنا تقديم استقالته بحجة تأنيب ضميره، فهذا استخفاف بمن وثقوا به وأعطوه أصواتهم، تلك الثقة التي لن تعيدها إليه "مفاطيح" مخيمه الانتخابي الجديد!