حينما وقف الأمير خالد الفيصل ليقول للإعلاميين الذين سألوه عن مدى رضاه عن "سوق عكاظ" قبيل فترة قريبة، إن "هذا الرضا لن يأتي"، كان يشير في كثير من الوضوح إلى أن سقف الطموحات لا حدود له، وأن التطلع الدائم للجديد لا يتوقف، وأن الوصول إلى الرضا الكامل يعني نهاية المشوار، وهذا ما لا يؤمن به الفيصل الذي يتطلع كل يوم لأبعد من اليوم الذي سبقه.

من هنا يمكن فهم توجيهه لتشكيل لجنة لتطوير السوق خلال السنوات الخمس المقبلة، بما يكفل وضعها في آفاق أرحب، ويمنحها المكانة التي تستحق، والتي يجدر أن تتبوأها.

وجاءت مشاركة المثقفين والأدباء عبر المقترحات التي تقدمها الأندية الأدبية وعبر الورش والملتقيات التي عقدتها لجنة التطوير لتزج بهؤلاء المثقفين في خضم التطوير، خصوصاً أن لهم تجاربهم وخبراتهم وتطلعاتهم لسوق يفترض أن تعبر عنهم أكثر فأكثر، خصوصاً أنها ليست مجرد استذكار لماض تليد على أهمية هذا الماضي، وإنما منصة انطلاق نحو مستقبل يتطلع القائمون على السوق أن يلبي طموحاتهم.

جملة طويلة من المقترحات قدمها المثقفون عبر عدة لقاءات وورش، وعبر مقترحات تلقتها الأندية وصاغتها وقدمتها للجنة التطوير، ستتم غربلتها حتماً، وانتقاء الأنسب منها لتحقيق هدف إطلاق السوق بحلة أكثر رسوخاً وثباتاً وشمولية، ووضعها على خارطة الأحداث الثقافية المهمة عالمياً.

وهذا الانفتاح على المثقف يضعه في موقع المسؤولية، فقد بات شريكاً بالرؤية والأفكار، وشريكاً في النجاح أو عدم التوفيق، وبالتالي فإن مجرد اكتفائه بدور المتفرج، بل والناقد السلبي أحياناً، لم يعد لائقاً، خصوصاً أن قنوات تقدمه بما يراه في مصلحة تطوير السوق باتت متعددة ومتشعبة، ويمكنها كلها إيصال صوته، إن كان لديه ما يستحق القول والعرض.

ومن الاستحالة حتماً، الأخذ بكل الآراء التي طرحت، وكل المقترحات التي قدمت للجنة، فثمة عوائق أمام تطبيق بعضها، وثمة حيز مكاني زماني قد يمنع تطبيق بعضها الآخر، أو يقلص مساحة عرضه، وهذا يفترض أن يقابل بالتفهم، وليس بالعداء، خصوصاً أن بعض المثقفين يناصب العداء لمن يتغاضون عن اعتماد مقترحه وتنفيذه، حتى لو كان هذا التغاضي نابعاً من مبررات منطقية، وليس لمجرد التجاهل الذي غالباً ما يفسر بقلة الاكتراث وعدم الاهتمام، ويرى فيه بعضهم تسفيهاً لرؤيتهم، وتقليلاً من قدرهم.