فاحت رائحة الفساد الكروي على مستوى الجهاز الأعلى المسؤول عن كرة القدم في العالم، بعدما كشفت صحيفة "صنداي تايمز" الإنجليزية، متاجرة بعض أعضاء المكتب التنفيذي للاتحاد الدولي لكرة القدم بأصواتهم وإعلانهم بيعها في سوق التصويت لاستضافة مونديالي 2018 و2022.
ما كشفته الصحيفة_ إن تأكد صدق ما ذهبت إليه_، يعني أن هناك الكثير من الأمور على مستوى الفيفا أو غيره، يفصل فيها مسبقاً لمصلحة من يدفع أكثر وأن الترشيحات والانتخابات التي تجري لتثبيت أي من اللجان أو تحديد مستضيفي البطولات، ما هي إلا صورة المطلوب قبل التقاطها الابتسام (المدفوع) حتى تظهر أكثر إقناعاً وجاذبية.
وما أشارت إليه "صنداي تايمز" يعني تماماً أن الأنقياء من المتسابقين على استضافة كأس العالم وغيرها من البطولات الأخرى، الذين يظنون أن بإمكانهم إقناع قادة العالم رياضياً بما لديهم من بنى تحتية من إستادات وفنادق ومعينات أخرى، ليسو إلا حجار شطرنج تحركها أصابع ذوي النفوذ (الفيفاوي) في اتجاهات عكسية حتى تسهل مهمة من دفع مقدماً أعلى الأسعار لأصواتهم.
لا أعتقد أن الصحيفة كشفت الأهم، لكنها بالطبع أثارت الخوف والقلق في نفوس عدد من مسؤولي الفيفا، وجعلتهم يدعون بكل دياناتهم في هذه الفترة لأن يتوقف الأمر عند هذا الحد ولا يتجاوز الخطوط الحمراء حتى لا ينكشف الأخطر من الرشاوى وتطفو على السطح بنود الاتفاقيات السرية الحالية والسابقة.
ما حدث سيقلل الثقة في الاتحاد الدولي لكرة القدم إن لم يمحها تماماً، وحتى يتجاوز هذه الهزة العنيفة سيكون على مسؤوليه التعامل بحزم مع هذه الأمور، فإما أن يثبت حقيقة ما نُشر عن منسوبيه وينزل أقسى العقوبات بحقهم، أو يعمل على تبرئتهم مما نُسب إليهم، وفي الحالة الأخيرة سيكون أيضا مطالباً بردع الصحيفة حتى يحتفظ كسلطة رياضية عليا، بشخصيته القوية.
المضحك المبكي أن الصحيفة كشفت القيمة المادية التي طالب بها بعض الأعضاء نظير التصويت لأحد البلدان المرشحة، حيث قالت إن أحدهم طالب بـ800 ألف دولار، وأن آخر طلب 1.6 مليون يورو، وأظن أن كلاهما اعتمد في مطلبه على الحالة الاقتصادية لبلده.
وأظنهما أيضا_ أي العضوين الفيفاويين_ تحججا في مغالاتهما بالظروف وارتفاع الأسعار، بمعنى أن قيمة (الصوت) شأنها شأن أي سلعة أخرى، من الممكن أن ترتفع ومن الممكن أن تنخفض.. حقاً هم ضفعاء نفوس أثرياء بأصوات ضعفاء.