تعودنا في رؤساء الأندية إطلاق الوعود في كل الاتجاهات وإيهام الجماهير بأن كل البطولات قادمة لا محالة. وتعودنا أيضا التصريحات الرنانة التي تدخل في نطاق البهرجة وتحدي الأندية المنافسة، والتعاقد مع المدرب الخبير واللاعب العالمي، وحل جميع المشاكل وإغلاق الديون، والتواصل "بشفافية" غير مسبوقة مع الجماهير والإعلام.
لكن رئيس نادي الهلال الأمير نواف بن سعد ربما الوحيد الذي خرج عن هذا المألوف السحري الذي يتحول إلى سراب.
ومنذ يوم تنصيبه رئيسا في الجمعية العمومية لم يطلق الوعود واكتفى بالمؤتمر الذي شرح فيه خطة عمله بوضوح تام وتحدث بحذر شديد عن المشاريع التي تسعى إدارته إلى تفعليها، حتى أنه ربط إقامة بعضها بجهات ذات علاقة.
وبعد نحو الشهر خرج في تصريحات مقتضبة وهادئة بناءً على استفسارات صحافيين حول بعض الأخبار التي تستحق التأكيد أو النفي أو التعليل.
لم أقرأ له ولم أسمعه أو أشاهده يتحدث عن وعود بهذا اللاعب أو تلك البطولة، وهذا نادر جدا في محيطنا السعودي والخليجي.
وعلى صعيد التعاقدات اتجه للبرازيل التي تقدم لاعبين مميزين ويتأقلمون سريعا. وإن كان المهاجم لم يحظ بالثقة المطلقة من الجماهير والنقاد، لكن المدرب اليوناني دونيس أكد أن "ألميدا" يخدم طريقة لعبه ومقتنع تماما بالتعاقد معه، ومع "إدواردو" لاعب الوسط الذي حضر بسيرة ذاتية جيدة ومقاطع تؤكد أنه ذو قيمة فنية عالية.
وفي المجمل، يحسب للإدارة نجاحها في التكتم على هذه التعاقدات إلى آخر لحظة بعد انتهاء المفاوضات.
ومن خلال معطيات الفريق في نهاية الموسم الماضي فليس هناك احتياجات ضرورية خصوصا مع تطور أداء ياسر الشهراني الذي يعتبر "جوكرا" متى نجح النادي في استقطاب ظهير أيمن متكامل. والواضح أن دونيس يملك خيارات كثيرة ومتعددة في جميع المراكز بما يساعده على بلورة تكتيكه جيدا ودون قلق.
واستكمالا لما بدأته، فإن الأمير نواف بن سعد يختلف عن كثيرين بأنه عمل نحو تسع سنوات في المنتخبات السنية والتصق بعمل مجلس الاتحاد السعودي لكرة القدم، ثم عمل نائبا لرئيس الهلال نحو خمس سنوات مع الأمير عبدالرحمن بن مساعد، وهذا يؤكد اكتسابه خبرة قوية في العمل الإداري والتنظيم، وظهر في مواقف كثيرة هادئا ويجيد انتقاء كلماته وردوده.
وأجاد في تقوية الاستقرار باستمرار دونيس وفهد المفرج للمحافظة على توازن الفريق وعدم الإخلال بعمل المجموعة الذهبية التي أنهت الموسم بكأس خادم الحرمين الشريفين أمام المنافس التقليدي النصر.
هذه المعطيات والعوامل تعطي مؤشرات واضحة لجودة العمل وحسن التعامل مع الظروف والمناسبات، خصوصا أن أعضاء الشرف في اجتماعهم الحاسم تقاسموا الديون وأنهوا هذه المشكلة الكبيرة وبالتالي أصبحت الإدارة الجديدة في مأمن من المنغصات ومن واجبها أن تقدم ما تحمله من أفكار لمصلحة النادي في مختلف مسؤولياته.
ومن خلال ما نسمع والأخبار المتداولة فقد أولى الأمير نواف بن سعد الفئات السنية أهمية قصوى وخصوصا أنه أوكل الإشراف الفني للخبير عبداللطيف الحسيني والإداري المطلوب دائما من الجميع منصور الأحمد مع وجود الكابتن المثقف نواف التمياط "مستشارا" ويملك الكثير من عوامل النجاح في مهمته.
والواضح أن "أغلب" أعضاء مجلس الإدارة اختيروا حسب تخصصاتهم، وبالتأكيد ستظهر بعض النتائج والملامح والمؤشرات خلال ثلاثة إلى ستة أشهر المقبلة. كما أن المواقف والمناسبات والأحداث ستكشف عن مدى تحمل الأمير نواف بن سعد للمنغصات ومواجهة المفاجآت وردود الفعل تجاه نتائج الفريق الكروي.