لفت نظري التقرير الصحفي الذي نشر هنا أمس، عن تكريم القاص الأستاذ جبير المليحان الذي لا يشك أحد في الجهد الكبير الذي قام به خلال ثلاثة عقود في خدمة القصة العربية، خلال الموقع الإلكتروني الذي أنشاه لخدمة هذا الفن الإبداعي المهمل إلى حد ما. فالأستاذ جبير قدم ـ وما زال ـ خلال هذا الموقع مئات الأسماء المهمة على مستوى العالم العربي، إذ كان موقع القصة العربية، المكان الأول لالتقاء مبدعي القصة القصيرة والقصة القصيرة جدا.

أما الأستاذ خالد اليوسف فهو علم في مجال توثيق مسيرة السرد في المملكة، وكتبت أكثر من مرة سواء في هذه الزاوية أو في مواقع التواصل الاجتماعي، أن خالد اليوسف عمل جهدا كبيرا، لم تستطع فعله مؤسسات تملك الإمكانات المادية والبشرية الكبيرة، ولكن حب اليوسف لعمله وإخلاصه في خدمة المشهد الثقافي السعودي، جعله ينتج للمكتبة العربية رصدا وتوثيقا سنويا، أصبح مرجعا للباحثين والمثقفين.

إذن فـ"المليحان" و"اليوسف" علمان يستحقان التكريم وبأعلى مراتب التكريم الوطني، ولا يمكن لأحد منصف أن يشكك في هذا.

أما بالنسبة للمؤسسات الثقافية المحلية وآلية التكريم التي تتبعها كثير منها، ففي اعتقادي أنها هي السبب في أي جدل يتم حول تكريم رائد من الرواد، وفي أي مجال فكري أو اجتماعي أو غيره.

فمن الأجدى ـ في رأيي الشخصي ـ أن تضع المؤسسة أو الجهة الثقافية التي ترغب في تكريم شخصية ما، ضوابط ومحددات مكتوبة ومعلنة، ثم تقوم بنشر هذه الضوابط عبر وسائل الإعلام المختلفة، وتطلب آراء المهتمين حول هذه الضوابط، وفي الوقت نفسه تطلب منهم ترشيح أسماء تنطبق عليها الضوابط المعلنة وبشكل دقيق، وإذا خُشي أن تتشعب الأمور وتبتعد الترشيحات عن الأسماء المستحقة فعلا، فيتم وضع قائمة مقترحة وشاملة لجميع من يعتقد أنه قدم في مجاله ما يستحق التكريم عليه، ومن يحصل على أغلبية ترشيحات يكون هو المستحق، وحبذا لو كانت أسماء من قام بالترشيح معلنة بشكل شفاف، فهو أجمل وأكثر عدلا، مع أهمية أن يكون من قام بالترشيح شخص له علاقة مباشرة بالإبداع وليس مجرد "فزعة"، وهذا ما يجب أن تضبطه محددات وآليات الترشيح.