لم يكن السيد علي خامنئي يحتاج إلى خطبته العصماء مساء السبت لكي يذكرنا بخطر بلاده الدائم على جيرانه، وعلى كل بلاد العرب، ولكنه بدا أكثر وضوحا وأشد عداوة عبر إشاراته التهديدية الممجوجة للبحرين بالذات وتأكيده على استمرار مواصلة بلاده دعم الميليشيات، وإثارة القلاقل كمنهج لا يتخلى عنه وسط تعام دولي واحتفالات بإطلاق يد محور الشر لا ربطه من جديد إلى سارية العدالة.
نحن ندرك ذلك، لكن الرجل القابع في البيت الأبيض ويريد أن يخرج من رئاسة الدولة الأقوى بأي ذكر يخلد اسمه حتى لو كان على حساب أمن العالم، لا يهمه السلوك الإيراني العدواني، بل أن يشار إلى اسمه في إطار الوثيقة حتى لو بعد عقود من الزمن، والأهم من ذلك أنه لم يكن يأبه لذلك السلوك الإيراني العدائي إلا بما خص إسرائيل؛ لذا جاء خطابه الاعتذاري موجها للأخيرة والوعود بدعمها بمزيد من الأسلحة والعتاد.
لن يعنينا الآن ما قاله أوباما لأننا ندرك أن المصالح هي الأهم لدى مسيري البيت الأبيض، لكن ما أفاض به خامنئي جدير بأن يؤخذ على محمل الجد، فإيران بعد رفع العقوبات والعملة الصعبة المنتظرة سيجعلها أكثر وحشية، ولن يخفى مثل ذلك على أحد لأنها تجاهر بعدوانيتها جهارا نهارا، وكأنها قد حققت الانتصار العظيم بتوقيع الاتفاقية التي عدها انتصارا على الشيطان الأميركي وحليفه الإسرائيلي.
صاحب القرار الواجب التنفيذ في إيران أعلنها صراحة، عدائية مستمرة، ودعم لكل ما هو ميليشيا وعمل عسكري شاذ في بلاد العرب.. فماذا نحن فاعلون؟ هل ننتظر العدالة الأميركية والطبطبة الأوروبية لكي تحمينا من الخطر الماثل، أم نتوسل إيران ألا تفعل؟ في كليهما عرفنا أننا خاسرون، وفي تجربتهما استنفاد للمال والكرامة حد أن بلغنا العجز ونحن الأغنى مالا، ونعاود القول ماذا نحن فاعلون؟.
قبل أن نبحث عن إجابات مقنعة علينا أن نعترف بأن المتغيرات الخارجية قد كشفت لنا الكثير والكثير، وخاصة فيما يذهب إلى مصالح أميركا وتقلباتها المستمرة مما يعني أن لا نعتمد إلا على الله، ومن ثم على أنفسنا في الدفاع عن أوطاننا، وعليه وجب أن يفهم خامنئي أن بلادنا قد لا تجاريه في خبث الرسائل ودعم المتطرفين والميليشيات، لكنها قادرة على ردعه وإيقافه عند حده وتحطيم زبانيته كما فعلت في اليمن.
الرسالة الأهم التي أتمنى أن توصلها دول مجلس التعاون إلى إيران ومرشدها الأعلى أن البحرين خط أحمر وأن ترديد التهديدات والعمل على تفعليها جديران بأن يتوقفا، وفي الإطار نفسه أتمنى أن تأخذ دول المجلس الأمر بتفعيل أكبر من خلال قمة استثنائية تدرس الوضع، وتحدد خطره ومن ثم كيفية التعامل معه، ولا بأس من مقاطعة كاملة اقتصاديا وسياسيا.
إيران لم تعد جارا، بل خطر يهدد العالم، فعل ذلك وهو معلق برباط الاتفاق النووي، فكيف سيكون حاله اليوم وهو مطلق الرباط كثير الأموال وبصداقات وعلاقات واستثمارات جديدة مع الغرب.