لم نكن نحلم يوما بوسائل التقنية الحديثة التي بين أيدينا اليوم، والذين عاشوا نشأة الجوال في بداياته كان نقطة تحول في المجتمع في سرعة الاتصال، وقد أشبع حاجة الناس في حينها وقالوا لن يأتي بعده شيء، حتى إن القادر والعاجز كلاهما اقتناه لشدة حاجة الناس إليه في وقت كان ثمنه يصل إلى عشرة آلاف ريال، ولا أحد ينكر بأن اختراع وتصميم وإنتاج هذا الجهاز تعد أحد معجزات العقل البشري.

تتميز رسائل الواتس آب النصية بالطول والصور والفيديوهات المصحوبات بالمقاطع الموثقة بخلاف الرسائل النصية sms القصيرة التي لا يرافقها سوى النصوص، وهي مع ذلك كانت تقدما لم نكن نحلم به. أعود لصلب الموضوع فأقول هذه النعمة دفعت بعضنا وللأسف لإساءة الاستخدام حتى بلغ التجاوز على حقوق الغير بنقل المقاطع ونشر الصور والمواقف والتعليقات المسيئة للأشخاص والرموز، وحتى عوام الخلق لم يسلموا من تلك الانتهاكات المتعمدة الملفقة، وهي بكل صراحة تعكس ثقافتنا ووعينا في نهاية المطاف أمام الآخرين. الواتس آب خدمة أكثر من رائعة إذا تم توظيفها في الاتجاه الصحيح، وكان هناك أوقات محددة للدخول والخروج منه لأنه ناهب للوقت، فهناك البرامج التربوية والاجتماعية والعلمية والوعظية والتطويرية التي ترتقي بالفكر والسلوك، بدلاً من الانغماس الكلي في التعليقات والصور والفيديوهات التي تعمق مستوى التفاهة لدى الإنسان، وتقود فكره واهتمامه للتراجع للوراء دون أن يشعر نتيجة هذا الاهتمام الدائم صباح مساء، فالإنسان ما هو إلا نتيجة مدخلات +عمليات= مخرجات.