أعلم يقينا أن التكنولوجيا وخدمات الإنترنت جاءت محرجة للجيل القديم من بعض مديري الدوائر الحكومية ومثلها الخدمية من أولئك الذين كانوا يستخدمون ببساطة فائقة عبارة "راجعنا بكرة" لتعطيل معاملة مواطن قدم من مسافة 1000 كلم؛ من أجل استمتاعهم بتناول وجبة الإفطار ثم قراءة كل الصحف التي أمامهم.
جاءت الثورة المعلوماتية والخدمات الإلكترونية قاصمة لأولئك المسؤولين الذين يقاتلون لإخفاء اللوائح والأنظمة التي تخدم مراجعا ما بعد ما صارت تلك اللوائح اليوم على مسافة ضغطة زر واحدة من مراجع سيفهم ما له وما عليه قبل التوجه إلى هناك! لقد أضحى استقبال طلبات التوظيف عن طريق مواقع الجهات والوزارات حلا تاريخيا أمام بيروقراطية الملف الأخضر و"طوابير" الانتظار وزحام السير، خصوصا لتلك الجهات التي تمكّن المراجع من متابعة طلبه إلكترونيا!
ثم ماذا ؟ ثم إننا -أيها السادة- ابتلينا بعد ذلك -والله المستعان- ببيروقراطيين جدد فهموا اللعبة وتداخلاتها فأعادونا إلى المربع الأول حين أساؤوا استخدام كل ما سبق؛ ليصبحوا بذلك عقبة إلكترونية جديدة لا حيلة للمراجع معها سوى الصبر والدعوات الصادقة.
يعمد البيروقراطيون الجدد إلى ممارسات أشد فتكا وصلفا من ممارسات جيل "راجعنا بكرة" وأكثر خبثا ودهاء من دهاء مرحلة "المدير في اجتماع"، وإن كان جيل البيروقراطيين القديم يقبل التفاوض في أسوأ الأحوال فإن الجيل الجديد منه ينهي كل محاولات التفاوض معه برسالة إلكترونية واحدة تفيدك بمراجعتهم إلكترونيا "بكرة"!
يُنشئ البيروقراطيون الجدد موقعا إلكترونيا هشا لخدمة المراجعين، يتعطل هذا الموقع بسهولة بالغة مع كل الظروف الإلكترونية والاقتصادية، وتبعا لتقلبات الطقس والمناخ!
ويضع البيروقراطيون الجدد في مواقعهم الإلكترونية أرقاما للتواصل الهاتفي، ثم لا يغفلون -بارك الله فيهم- عن فصل تلك الهواتف عن الخدمة! يفتتح البيروقراطيون الجدد حسابات في مواقع التواصل الاجتماعي ثم يحيلون كل الاستفسارات الواردة لهم إلى الهواتف المفصولة! يحثك البيروقراطيون الجدد على التقدم بشكواك إلى البريد الإلكتروني ثم تكتشف أن هذا البريد الإلكتروني تم إلغاؤه بعدما شبع موتا من الشركة المقدمة للخدمة!.