أعاد تعيين وزارة الثقافة والإعلام أخيرا الكاتب الصحفي محمد السيف رئيسا لتحرير المجلة العربية، "المجلات الثقافية المتخصصة" إلى الواجهة مجددا، في ظل تنامي التوجهات الرقمية عالميا، وتراجع توزيع المطبوعات الورقية. وتعرض واقع هذه المجلات على المستوى السعودي لانتقادات عدد من المثقفين الذين اتهموها بتجاهل المنتج المحلي، وعدم انضباط صدورها زمنيا، وبالتالي ضعف موادها المطروحة، مثيرين تساؤلات عن مدى جدوى هذه المجلات في ظل الانصراف عنها تجاه ما هو إلكتروني/ رقمي؟!

جدل

موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" شهد حوارا حول أوضاع المجلات السعودية، أشعله الباحث والكاتب الروائي خالد اليوسف الذي عقد مقارنة بين مجلة الفيصل السعودية ومجلة الكويت الكويتية، ذاهبا إلى "أن مجلة الكويت مواعيد صدورها منضبطة بعد أن كانت شهرية أصبحت كل شهرين، والفيصل غير منضبطة الصدور، بعد أن كانت شهرية أصبحت تصدر مرة كل شهرين ومرة كل ثلاثة أشهر أو أربعة". وأثار اليوسف قضية عدم اهتمام المجلة بالمنتج المحلي قائلا: "مجلة الكويت معظم مادتها تمثل الكويت وطنا وكتابة وصورا واستطلاعات ومادة أدبية وثقافية إلى غير ذلك، أما مجلة الفيصل فهي منسلخة أومهاجرة تماما من الغلاف إلى الغلاف خارج الوطن، بل خارج الوطن العربي.. وكأننا لا ننتج ثقافة وأدبا وبحوثا وكتابة دسمة لأي دورية ثقافية.. بل توقفت الحياة لدينا فقط للتلقي والاستهلاك.. الفيصل المجلة الثقافية التاريخية الرزينة لا تعترف بثقافتنا ومنتجها المتألق.. صدمة!! وهي نموذج لعدد من الدوريات التي أهملت ساحتنا الثقافية والعلمية، واستوردت لنا ما ينتجه الآخرون!؟".

تجاهل

وينفي اليوسف في حديثه إلى "الوطن" أن يكون قد قسى في رأيه هذا على مجلة الفيصل، ذاكرا أن هذه حقيقة يتلمسها الجميع، لافتا إلى تجاهل المنتج المحلي والكاتب السعودي لا يقتصر على الفيصل فحسب، بل يمتد إلى كل المجلات الخليجية التي تنظر بازدراء للكاتب الخليجي، بل إن المجلات الكويتية لا تعير الكاتب السعودي والثقافة السعودية أدنى اهتمام، ولا تكترث به، وهذا ينطبق على المجلات الصادرة في الإمارات وقطر وعمان، وإن بدرجة أقل، فلماذا لا تلتفت مجلاتنا السعودية -والحال هذه- للكتاب السعوديين والمنتج المحلي، مجلاتنا ليست لنا؟ وتابع اليوسف "مجلة الهلال العريقة هي لأبناء مصر أولا وأخيرا، وكذلك بقية المجلات".

موت سريري

وبينما أرجأ رئيس تحرير المجلة العربية محمد السيف الحديث عن أوضاع مجلته ، إلى حين أخذه وقتا كافيا في الإلمام بها ،على حد قوله، اعتذر رئيس تحرير مجلة الفيصل عبدالله الكويليت عن عدم التصريح فيما يتعلق بالاتهامات الموجهة للمجلة، فيما أرجعت مصادر لـ"الوطن" عدم انضباط الفيصل في الصدور إلى أسباب مادية، في حين لم يتردد الناقد الكاتب حسين بافقيه في وصف المجلة بـ"الميتة سريريا"، ضاما إليها مجلة المنهل التي ذكر أنها ميتة منذ سنوات طويلة.

وفي سياق هذا الوصف لبافقيه، يشير المراقبون إلى الأزمة الحقيقية التي يشهدها العالم كله مع تنامي هيمنة الإلكتروني، وانحسار الورقي، والذي يشمل المجلات، ففي عام 2013 صدر العدد الورقي الأخير من مجلة الآداب البيروتية التي كانت واحدة من أهم المجلات الثقافية في العالم العربي. وكانت مجلة نيوزويك الأميركية قد سبقتها في إعلان عن توقف النسخة الورقية. وإزاء هذا التحدي يبدي بافقيه تفاؤلا كبيرا بتعيين محمد السيف رئيسا لتحرير المجلة العربية التي تصدرها وزارة الثقافة والإعلام، في الاهتمام بالثقافة السعودية والمنتج المحلي، ويضيف لـ"الوطن": "السيف كاتب بارع وصحفي ناجح وينتظر منه أن يضع للمجلة قدما للمنافسة في ظل التحديات الرقمية، وإن كنت أخشى أن تتحول المجلة إلى نخبوية، أتمنى أن تلتفت للأجيال الجديدة، تتيح الفرصة لهم لعرض أفكارهم، وتستثمر الطاقة الفطرية لديهم للمعرفة والكتابة، وتتوجه للقراء الذين يعشقون الأدب والثقافة، والكتاب غير المشهورين بشرط أن تكون موادهم متميزة".

وتساءل بافقيه: "من لديه الآن الحرص على أن يقصد مكتبة ليبحث عن مجلة كان يتابعها منذ سنوات؟ أتصور أن المجلات الثقافية إذا ما استمرت في تقديم الأسماء المكرسة فإنها ستظل تدور في فلك وزمان النشر العربي الذي أصبح شيئا ثابتا.