ليس عيبا أن يخرج الفنان عن النص، بل العيب أن يخرج عن الأدب..!
ليس من المقبول أن تسخر من الناس بحجة إضحاكهم والترفيه عنهم.. وليس من المقبول إساءة الأدب باسم الفن..!
قيل الكثير عن البذاءة والسوقية التي استخدمت على أنها "كوميديا" في "ستاند أب" كوميدي في فعاليات "عيد الرياض"، حين اعترض مواطن على "الفنان" وما احتواه نصه الكوميدي من إساءة للطفولة وللأخلاق علانية، فقام البعض بالدفاع عن "الفنان" ومهاجمة "المواطن" دون الإلمام بالحدث، وحين انتشر فيديو عن الحادث ظهر أن المواطن كان على حق، بل إن الممثل زاد في "السوء" وقلة الأدب دون أن يتقبل النقد رغم أنه كان يمارس النقد، وهذا عيبنا أننا ننقد ولا نقبل أن نُنقد..!
"أمانة الرياض" تعاملت مع الحدث بوعي فقدمت توضيحا بأن ما حدث كان خروجا من أحد الممثلين بنص وكلمات غير لائقة أدت إلى اعتراض مواطن وصفته بالكريم، وقدمت اعتذارا، مؤكدة عدم قبولها بما حدث واتخاذها الإجراءات لعدم تكرارها.
وكذلك قدم الفنان اعتذارا جميلا، مؤكدا أنه جديد في هذا المجال وأنه أخطأ، لكن المشكلة أنه طالب من روجوا إساءته بترويج اعتذاره، وهنا يكمن "الجهل" بأن يعتبر الترويج لاعتذاره واجبا على الجمهور، لأن الواجب الحقيقي ألا يخطئ على الملأ، ثم يتمادى في الخطأ حين ينبهه أحد ويتعدى عليه..!
الجمهور لا يُعول عليه، فبعض الجمهور صفق لإساءة الممثل للمواطن، وهنا لا بد أن ندرك أن كل من صفق للإساءة أساء للأخلاق والأدب وشريك في تحويل الكوميديا من فن إلى بذاءة وسخرية من الناس، والحقيقة أن كثيرا من ممثلي الكوميديا يستخدمون ألفاظا سوقية صراحة أو تلميحا في مسرحياتهم، والجمهور الذي يزداد حضورا وتصفيقا لهم يشارك في تحويل الكوميديا إلى فن هابط..!
سمعت مرة الفنان عبدالعزيز المسلم يمتدح مسرحيات زميله الكوميديان طارق العلي، ثم يستدرك بأنه لا يسمح لأطفاله بحضورها؛ لأنها لا تناسبهم، وكانت تلك دبلوماسية؛ وإلا المفروض أن يُصرح بأن طارق العلي يخرج عن النص إلى الإسفاف بألفاظ غير لائقة والاستهزاء بزملائه والجمهور، وهذا شيء ظاهر في مسرحياته..!
(بين قوسين)
الحقيقة أن "فكرة أن الألفاظ البذيئة والسخرية من الآخرين هي خفة دم، فكرة منتشرة في المجتمع بكل أسف..!".