العيد حالة من الفرح الإنساني، ومساحة للبهجة، وشحن القلب بالحياة، وقبل ذلك الأمل. حالة تمثل أهداف الوعي والكتابة وكل الفنون الإنسانية، الأطفال والألوان والابتسامات التي يتبادلها الناس مع المصافحات الحميمة. الانتقال الفجائي من رتابة الأيام إلى ما هو مختلف وجمعي، يتوحد به الناس من أقصى الأرض وأدناها، حالة فريدة ومحفزة تجعلنا أقوياء لبقية السنة أمام صعوباتنا وأمام ذواتنا وخصومنا من بشر ومعنى.
إن الضغط العصبي والنفسي، كذلك عشرات المشاهد في نشرات الأخبار المتعددة التي -وبشكل يومي- تملأ أنفسنا وعيوننا وذاكرتنا بالمأساوي والبشع واللاإنساني، خصوصا خلال السنوات الأخيرة تجعل اقتناص لحظة الفرح واجبا رئيسا يتجاوز غيره من الواجبات، وليس هناك أجمل من لحظة مناسبة كالعيد.
ينسينا الفرح كل شيء.. يعيدنا إلى ذاكرتنا وطفولتنا وأشيائنا.. يعيدنا إلى من فقدنا وفارقنا وكأننا نهرب في لحظات إلى دواخلنا عن كل ما يحيط بنا. إنها سحرية الفرح والطفولة والذكريات التي يحملها العيد في دائرته السنوية.
كل أمم الأرض من مختلف الأعراق والديانات والخلفيات الثقافية لديها مناسباتها وأعيادها وأفراحها واحتفالاتها كمشترك إنساني غريزي أصيل، وتهتم بالأمر بشكل استثنائي وتعززه كقيمة وتنقله من جيل إلى جيل، وهي بذلك تمارس نقل إرثها وأفكارها عبر الزمن.
أبدو كمن يشرح المشروح ويؤكد المؤكد، لكن لا بأس فالأشياء الجميلة تحتاج إلى إعادة التذكير بها، إذ إن هناك من يحاول تفريغ مناسبة رائعة كالعيد من مضامينها ورسائلها بإشاعة الإحباط، وعادية الحياة ويمارس مهمته بحماس عجيب وبذات الصياغة والأسلوب، بذات الاستشهاديات والتضمينات، يمضي للمهمة القديمة بإصرار يحسد عليه وبالتجهم عينه.
من عيد لآخر وأنتم ومن تحبون بكل خير، تتحقق أمنياتكم وتتجسد أحلامكم، من عيد لآخر تمضون في الحياة وأنتم أجمل وأقوى وأكثر تفاؤلا بذات العزم والطفولة الفرحة والمستقبل الضاج بالسعادة، من عام لآخر ونحن وطنا وقادة وشعبا أكثر توحدا وأمنا، أرضا وسماء وسهلا وجبلا ورملا وبحرا.