في مسألة الزواج ينتظر رأي المرأة تماما كما يعتد برأي الرجل هذا إذا كان الزواج بنوعه يندرج تحت مظلة الزواج الطبيعي والمتعارف عليه بين الناس.
الزواج الذي يؤدي إلى شراكة عمر وتقاسم حلو الحياة ومرها وبناء الأسرة وإنجاب الأطفال، بمعنى كفالة الحقوق لكل طرف كاملة غير منقوصة داخل عش زوجي هادئ مستقر لا تهدد بنسفه النوايا السيئة المبيتة.
قد يضطر أحد الطرفين للتنازل عن بعض حقوقه استجابة لوطئة الظروف، لكن تبقى الحقوق الأساسية للمرأة من نفقة ومسكن ومبيت قائمة مثلما للرجل حقوق يطلبها من المرأة ولا يتنازل عنها، مهما كانت المبررات بل إنه يرفع صوته عاليا إن هو وجد تقصيرا أو تخاذلا.
زواج المسيار الذي ظل طيلة السنوات الماضية وحتى اليوم مثار جدل مستمر لا ينقطع، شذ عن القاعدة رغم محاولات إضفاء الشرعية عليه وزخرفته للنساء، بذريعة أنه يمثل طوق النجاة لمئات المطلقات والأرامل ومن فاتهن قطار الزواج والمغرمات بحرية الحركة بعيدا عن قيود أخذ الإذن من الزوج، والراغبات في الانعتاق من سلطة "سي السيد" وأغلال الزوج "البيتوتي".
لكن ما يسقط هذه الذريعة وسواها من المبررات المضحكة أن المسيار في واقعه زواج ظاهره الرحمة وباطنه العذاب للمرأة، فهو لا يحقق في نهاية الأمر إلا متعة الرجل الذي يتنقل كالنحلة بين الأزهار، فلا يكاد يتشبع من واحدة إلا وينتقل للأخرى، وربما جمع بين الأزهار في وقت واحد.
كشفت دراسة استطلاعية حديثة يشرف عليها كرسي الأميرة صيتة بنت عبدالعزيز، عن وجود اتجاهات سلبية قوية نحو زواج المسيار إذ يرى 88% من أفراد الدراسة وجميعهن سعوديات أن زواج المسيار تنتج منه آثار سلبية، من أهمها أن المرأة عرضة للطلاق، وهو زواج وجد لتلبية رغبات الرجل دون تحمل أية مسؤولية تجاه المرأة، ولا يتحقق فيه العدل بين الزوجات، ويمثل خطرا على بناء الأسرة، وإهانة لكرامة المرأة وضياعا لحقوقها، ولا يوفر الأمان للمرأة ولا المودة بين الزوجين. كثير من النساء في هذه الدراسة يفضلن قضاء الحياة دون زوج على القبول بزواج المسيار.
أسوأ ما في هذا الزواج أن المرأة تبقى زوجة في السر غير معترف بها. هي تريد الزواج وتتمناه، ولكن ليس بطريقة المسيار المذلة والناسفة لكل طموحاتها وأحلامها بعش زوجي سعيد ومستقر. تريده دون التنازل عن حقوقها، حتى ولو أصبحت رقم اثنين أو ثلاثة أو أربعة.