تعدّ مؤسسات الأعمال التطوعية غير الربحية مكسبا وطنيا وقطاعا حيويا مهما إذا ما تم تفعيله والاستفادة منه، وعلى الرغم من توافر العديد من الجمعيات الخيرية إلا أن دورها بقي محدودا، حيث إنها لا تُعنى بنشر ثقافة العمل التطوعي والمسؤولية الاجتماعية بالقدر الكافي، ولم تعلن عن وجود برامج أو أنشطة واضحة للمتطوعين، فيما ظهرت لدينا بعض المؤسسات من النمط غير الربحي، والتي تهدف إلى تقديم الخدمات الاجتماعية والمساعدة، إضافة إلى جانب التوجيه والإرشاد في مجالات متعددة.
نلاحظ على سبيل المثال، انتشار الممارسات الاجتماعية التي تتعامل مع الأغذية وأساليب تقديمها بشكل مبتذل يفوق حاجة الفرد، فهي تخرج عن إطار احتياجها الأساسي إلى مجال أوسع، وأصبحت تأخذ شكلا من أشكال المفاخرة والترف إلى درجة أن الابتذال في تقديم الموائد في المناسبات أصبح يطغى على قيمة المناسبة نفسها، وهذه الظاهرة الاستهلاكية كانت بحاجة إلى وقفة أخلاقية تتعامل مع ظاهرة إهدار الغذاء التي تؤثر سلبا على المستوى الاقتصادي والاجتماعي وحتى البيئي، وجاءت جمعية "إطعام" بمثابة المنقذ، وهي إحدى الجمعيات الرائدة في هذا المجال، نهضت الجمعية وما زالت تتوسع، وتحملت مسؤولية كبيرة على عاتقها، وبرغم ذلك فقد نجحت في الإسهام في نشر ثقافة حفظ النعمة من خلال أنشطتها وبرامجها، وفتحت المجال لاستغلال طاقات الشباب وتنمية مهاراتهم، وحسب تقرير نشرته الصحف، فقد سجلت "إطعام الرياض" خلال رمضان المبارك فقط أكثر من ألف ساعة عمل نفذها متطوعون من الشباب في مشروع حفظ النعمة، فيما وصل عدد الوجبات التي تم حفظها من زائد الطعام أكثر من 50 ألف وجبة وزعت على 5200 مستفيد مسجل في قوائم الجمعية، وهذه السنة الثانية على التوالي التي تنجح فيها حملة "احفظها.. واكسب أجرها"، فيما أن هذه الحملة تقوم بنشر الوعي المجتمعي في تحفيز السلوك على محافظة الأسر على عدم رمي الزائد من الطعام والعمل على إعادة توزيعه للمستفيدين.
نحن بحاجة إلى تفعيل النظام المؤسسي الاجتماعي غير الربحي ليتناول عدة مجالات وينتشر على مستوى المملكة، فحينما تزدهر هذه المؤسسات وتتنامى وتقدم دورها الخدمي، فإنها ستقدم دورها التنموي والمثمر على الوجه المطلوب، لأن هذا القطاع يشكل دعما لا يستهان بأهميته في مساندة القطاعين الخاص والحكومي، ويسهم في إتمام معادلة البناء والتطوير والتنمية المجتمعية.