كل عام وأنتم بخير.. وبلادنا بخير والمسلمون جميعا بخير.. نستقبل عيدنا وسط الدعاء المتواصل بأن يعم السلام والأمن أرجاء هذه البلاد، فمع العيد الذي نتمناه سعيدا لن نخجل بأن نقول إن بلاد الخليج انقسمت إلى فسطاطين، فمنها من سكن معظم وقته في المساجد داعيا وطالبا وباحثا عن فضل الله، وآخرون سكنوا الفضاء التلفزيوني، حينما وجدوا في هذا الشهر تنقلا مستمرا بين القنوات الفضائية، كيف لا؟ وهذا الشهر الكريم قد خصص لأضخم الإنتاجات الدرامية والبرامج الحوارية، ناهيك عن المسابقات المجزية.. بمعنى أنك وعلى رأي إخواننا المصريين "مش حتقدر تغمض عينك".
قد يغضب البعض من هذا التقسيم لكن لنكن صادقين مع أنفسنا فالسواد الأعظم من يحقق هذا التقاسم في ظل غياب كرة القدم المحلية والعالمية، ووسائل الجذب الأخرى، وهذا هو حال رمضان الشهر العظيم الكريم، وإن كنّا لا ننكر حق الترفيه والاستمتاع البريء، لكن أن تتحدد التوجهات بتلك الدقة، ففي الأمر فراغ داخلي وجب أن نبحث عما يملؤه طوال العام لا أن يكون رمضان وقت العبادة هو موطنه ومستقره.
الله سبحانه وتعالى يُعبد في كل وقت وفي كل مكان، في رمضان وغيره من الشهور، ومن الجدير أن لا يكون رمضان مرتكز الدراما والبحث عن التسلية والترفيه فقط؛ لأن في ذلك سرقة المشاهدين من الأشهر الأخرى لذا أصبحت أعمالنا وتلفزيوناتنا لا تعمل إلا خلال هذا الشهر، وكأنها في سباق مع الزمن لتحقق السبق الأكبر، والأمر ليس مقتصرا على تلفزيونات خاصة وفضائيات قائمة دون غيرها، بل إن تلك الحكومية منها تدخل في التسابق، ويا لخيبة رجاء تلفزيوننا الرسمي الحكومي فهو يرسب دائما، رغم أنه يشد المئزر و"يعض الشليل" قبل كل سباق، ناهيك عن أنه أكثر من يدفع أموالا، ومع ذلك يظل في آخر الركب؟!.
العيد حضر ورغم أنه مرتبط بالانطلاق والفرح والحبور، لكن لا نجد من المندفعين نحو الفضاء التلفزيوني ما يحقق ما يحتاجه هذا الزمن المهم المرتبط بأيام أربعة فقط، فهو وقت جدير بأن يشهد أهم الأعمال وأفضل المسرحيات، بل يحتاج إلى الأعمال المبهجة والمضحكة أكثر من أي شهر، لكن يبدو أن سعة رمضان الزمنية خصوصية للباحثين عن الأرباح المادية على حساب المشاهدين المنقادين.
نعود إلى ما بدأنا به لنطالب من جديد بأن يوزع دم الأعمال الضخمة والكثيرة في رمضان على الأشهر الأخرى، فلماذا لا نشاهد نجوم الكوميديا إلا خلال هذا الشهر الذي يحتاج فيه الإنسان إلى مزيد من الروحانية، ومن جهتي أتمنى أن يكون لنجوم الكوميديا السعودية كالقصبي وزملائه حضور تلفزيوني أو مسرحي متواصل خلال العام، بعيدا عن حشرهم واحتكارهم في رمضان.. نتمنى ذلك، وإن كان سيغضب المنتجين؛ لأن جيوبهم ما زالت تحتاج إلى كثير من المال!