نعتقد أن القيادة في أصلها موهبة تنبع من الذات الإنسانية، وتولد مع الإنسان صفات القيادة -التي لسنا بصدد رصفها تعدادا- وإذا ما وجد هذا الإنسان في الوسط المناسب تظهر هذه الصفات القيادية وتتفجر طاقاته الكامنة التي تميزه عن غيره، ولا شك أن المعرفة والخبرة تصقلان هذه الموهبة، وأيضا الظروف العملية التي يتعرض لها.
قد يصلح الكثيرون للإدارة، لكن من المؤكد أنه فقط من القلة القليلة يمكن أن يوجد قائد فاعل يغير وضع الناس إلى حال من الأحوال. فالقائد عادة ما يبحث عن حلول تثبت المبادئ والقيم التي يريدها ويراها مستقبلا لسلوك مجتمع من خلال انتسابه لمؤسسة حاضنة ما، ولم أعرف أن فردا وصل بمفرده لذلك إلا عن طريق بيئة حاضنة سواء انتمى إليها أو أسسها بنفسه؛ ليدفع الآخرين إلى تبني أفكاره وتوجهاته بالتشاور والمشاركة والإقناع، فيكون هو الملهم لهم، ليقوم هؤلاء راضين مخلصين بترجمتها على الأرض كواقع، حيث إن قدرات القائد وقدرته على التغيير تستمد من قدرات الجماعة، فالرجال هم من يصنع التاريخ.
إن من شروط ظهور القائد إضافة إلى ما يتمتع به من صفات شخصية تؤهله، أن يعطي نفسه كلها في العمل من أجل الوصول إلى الهدف المبتغى، أي أن يترك كل شيء جانبا ويمارس كل ما يمكن أن يقربه من هدفه القيادي. فما يميز القائد هو إيمانه العميق بنبل وأهمية طموحاته الكبيرة وتطلعاته الجامحة لتحقيقها بحماسة كبيرة وطاقة لا تنفذ، يتمتع بثقة عالية لمواجهة الحقائق المرة التي يتهرب منها الكثيرون.
أما المدير فيستمد قوته من السلطة الموكلة إليه ولوائح تنفيذها والخدمات معينة مرسومة مسبقا لهم. فمهمته الأولى تنسيق الجهود البشرية والفنية من تخطيط وتنظيم وتوجيه وترشيد الطاقات وتحفيزها، لاستثمارها في عوائد مادية عادة أو أهداف إنسانية أخرى.
ففي السنوات الأخيرة، بدأ التوجه إلى العمل الإداري المشترك كفريق عمل واحد. ومن الأخطاء المخفقة للأعمال محاولة المدير إخضاع مرؤوسيه لأوامره، وخاصة البعض منهم يحاول جاهدا التنفيذ الحرفي للنظم واللوائح ولا ينحاز عنها، فيبقى منغلقا لا يستطيع الاستفادة من خبرة الآخرين وآرائهم، كما أنه يضغط على شركائه بالعمل بطريقة منفرة طاردة لهم، عندما يغلق باب الحوار والنقاش والمشاركة، وهكذا يظهر مصطلح تسريب القدرات، فينتقل هؤلاء باحثين عن مكان يظهرون فيه قدراتهم ويجدون فيه احتراما لآرائهم.
وقد يكون هناك عامل مشترك بين المدير الناجح والقائد الناجح يتمثل في مشاركته من حوله في صنع القرار، وهنا قد تظهر شخصية القائد المدير، إلا أنه لا بد من وجود كفاءة مناسبة للقيادة والإدارة معا وقدرات على اتخاذ القرار المناسب. كما أن المغريات عند مقدم الخدمات هي العامل الأول الذي يلعب الدور الرئيس في مستوى الخدمة المقدمة، وبالتالي إنتاج أكثر وعائد مالي أكبر.