من رحم الصورة السيئة لمساجد الطرق ومرافقها ولدت لجنة العناية بمساجد الطرق، وهي لجنة خيرية صرح لها من وزارة الشؤون الإسلامية بعد أن اعتذرت وزارة الشؤون الاجتماعية عن التصريح لها واعتبارها جمعية خيرية تدعمها مثلما تدعم قرابة 700 جمعية خيرية متنوعة النشاط ومتباينة الأهداف ومختلفة في الرسالة والرؤية، وربما أن لاعتذارها ما يؤيده لأن الجميع قد تعارف على أن كل ما يخص المساجد العامة هو من اختصاص وزارة الشؤون الإسلامية، وهذا قد يكون مقبولا، إلا أن الواقع الذي تعيشه اللجنة لا يبشر أنها ستحقق نقلة نوعية سريعة في إزالة الصورة السوداء التي بها أصبحنا مجالا خصبا لتندر الآخرين سواء المارين عبر منافذنا البرية للأماكن المقدسة أو الزائرين لمدننا من المقيمين، وأصبحت المقاطع والمشاهد تُزكم الأنوف وتُؤذي العيون وتجلب الغثيان مع تكرار ذلك دون حراك يبشر بسرعة المعالجة غير اجتهادات خيرية شخصية أو تفاعلات من مؤسسات تؤرقها مسؤوليتها الاجتماعية في المشاركة بإزالة جزء من الورم أو معالجته لفترة موقتة حتى يأذن الله بالفرج من دوائرنا الحكومية المعنية بهذا الملف.

إن لجنة العناية بمساجد الطرق -وأنا أحد المتشرفين بالتطوع في مجلس إدارتها- تعتمد اعتمادا خاصا على الدعم من الموسرين، أفرادا ومؤسسات، فإن توفر الدعم توفرت الإمكانات في البناء والصيانة والتشغيل وإن قل الدعم قلت الإمكانات، بالرغم من البناء المؤسسي الجيد لها ووجود خطط عمل تنفيذية وإعلامية واستثمارية وخطط لتنمية الموارد وخطط للجودة والتشغيل والصيانة وغيرها الكثير من البرامج التي تتطلع إلى إطلاقها على منطقة الرياض تحديدا، ولكن لم تستطع القيام بالمأمول ولن تستطيع دون دعم وتبني الوزارة المعنية بهموم المساجد والمصلين. ثم كيف سيكون الحال فيما لو تحولت من لجنة إلى مؤسسة ومن منطقة الرياض إلى مناطق المملكة دون دعم واضح وتسخير لكل الإمكانات من أجل تغيير واقع مساجد ومرافق الطرق إلى الصورة التي يرانا الناس عليها في المدن وفي بيوتنا.

أتطلع من وزارة الشؤون الإسلامية -وهي الحريصة لا شك على المساجد وصيانتها ونظافتها والتشجيع على بنائها- أن تولي هذا الملف اهتماما خاصا، وتولى كذلك اللجنة كل الاهتمام والدعم والمساندة، فهي بمثابة كريمتها التي تحتاج لرعايتها، وأتشرف بطرح بعض المبادرات التي ستكتب بمداد من نور للوزارة في حال تنفيذها، ولا يعني عند تحقيقها أنها دخلت ضمن اختصاصها الإداري لأن عدد المساجد يتجاوز 800 في طرق الرياض و3000 في طرق المملكة والمقترحات هي:

- تقديم عون سنوي ثابت لا يقل عن 5 ملايين ريال لبرامج الصيانة والنظافة تحديدا، لأن المتبرع بالبناء متوفر ومن عدد من الموسرين.

- إمداد اللجنة بموظفين يندبون لها من الوزارة من الشباب المميزين، خاصة في تنمية الموارد والتسويق والعلاقات العامة والإعلام.

- تبني إنشاء وقف خيري يضمن معه الحد الأدنى من المصاريف الإدارية والتشغيلية للجنة، وكذلك مصاريف صيانة المساجد ونظافتها.

- مساندة اللجنة في تبني جائزة عن الجودة في صيانة ونظافة مساجد الطرق ومرافقها تكون على مستوى المملكة وعلى ثلاث فئات.

- الإسهام في تغيير ثقافة العناية بمساجد الطرق وتوجيه رسائل واضحة للملاك والمستفيدين عبر علاقات الوزارة مع وسائل الإعلام.

ختاما؛ سيكتب التاريخ للوزارة هذه الوقفة الراشدة في تغيير الصورة عن واقع مساجد الطرق ومرافقها، مع العلم أن مساجد الطرق تمثل 3% من المساجد التي تشرف عليها الوزارة في أرجاء وطننا، إذا علمنا أنها تشرف على 96 ألف مسجد، كما أن الوزارة عبر منافذها في المناطق والمحافظات هي من يعطي اتجاه القبلة لصاحب المحطة قبل بناء المسجد، وهذا ملزم وإلا لن يمنح التصريح من الشؤون البلدية والقروية، وقد يكون ذلك مدخلا لاتفاقية ثنائية وزارية.