كان يملأ الفضاء تنظيرا -مثلنا معشر الكتاب- فينتقد ذلك المسؤول لأنه لم يفعل كذا وكذا، وذاك لأنه قرر كذا وكذا. وعندما يدعو له أحدهم بأن يراه في منصب المسؤولية، يسأله مع شيء من "الدروشة": ماذا فعل ليدعو عليه بأن يكون مسؤولاً؟!

لكن يستجيب الله دعوة ذلك الداعي، ويبتلى بالمنصب، وكأن صاحب القرار في تعيينه يقول: ورينا شطارتك!

من تلك اللحظة يحدث أن يستبدل شخصيته "الناقدة" بأخرى "لزوم المرحلة"، حتى نبرة الصوت تغيرت وأصبحت لزمة التفخيم واضحة لتناسب "البرستيج" الجديد!

كان مريدوه يبررون له ما لا يبرر، من ذلك عن غيابه منذ تعيينه أنه مشغول بكنس جهازه الحكومي من الفاسدين، ولو سألتهم عن نوع المكنسة التي يستخدمها عادية أم كهربائية.. لأجابوك!

بعد انقشاع غبار الكنس بدأت تتضح الرؤية، والقرارات أخذت تخرج، الواحد تلو الآخر، لكنها صادمة لمن تعشم فيه خيراً. فقد كانت تخالف كل ما كان يتحدث عنه سابقا، بل إن بعضها يناقض ما كان ينادي به!

حينها اكتشفوا أن كل ما كان يقوله ليس سوى مقلب شربوه وهم يضحكون، ومن كان قبله قد لا يكون في مستوى آمالهم، لكنه على الأقل لم يكن مثل صاحبهم وصولياً. عندها بدأوا يترحمون على الحجاج عند ولده!

يا صاحبنا القديم.. أين ذهبت أفكارك، وما حل بمقترحاتك التي لطالما صفقنا لك ولها طويلا. لم تمتنع الآن عن جعلها واقعا وقد واتتك الفرصة وتم تقديمك إلى موقع المسؤولية؟!

لطالما أعجبنا بآراء أحدهم، حتى جعلناه بمثابة بطل قومي، وتمنينا أن يرحل المسؤول ليكون هو مكانه، وعندما حقق الله أمانينا اكتشفنا أنه ليس سوى صنم صنعناه بأيدينا!