صلاح عبدالغني البلتاني
تعد المحاصيل الاستراتيجية التي تشمل "الأرز والقمح والذرة" من أهم المحاصيل التي تؤثر في الأمن القومي للشعوب على مستوى العالم، فالغذاء وتوفيره من أهم عوامل استقرار المجتمعات، وتبرز أهمية توفير الغذاء كأرق دائم لـ"سيناريوهات" صناع القرار، خاصة في تلك البلدان التي لا تكفي إنتاجياتها احتياجاتها، ولقد استخدمت الولايات المتحدة القمح سلاحا لتجويع الشعوب عدة مرات مع مصر وبعض الدول العربية في بعض المواقف السياسية المتباينة.
وعمدت الولايات المتحدة إلى تغيير أنماط السلوك الغذائي للشعوب تجاه القمح الذي تمتلك الميزة النسبية في إنتاجه؛ كي تضع تلك الشعوب مصائرها في سلة واحدة أمام استخدام الولايات المتحدة لهذا السلاح، فنجحت إلى حد كبير في تغيير أنماط السلوك الغذائي للشعب الفلبيني تجاه القمح، كما نجحت في تغيير أنماط السلوك الغذائي في المحافظات الشمالية والطرفية المصرية من الأرز إلى القمح للاستفادة من الدعم والحصول على فائض بيع الحاصلات الزراعية من الأرز لأبناء الوادي.
يزرع محصول "الميليت" في جنوب السودان، ويعد من المحاصيل الغذائية المهمة للسيدات الحوامل وللأطفال الرضع. وللمحاصيل الاستراتيجية أهمية قصوى في دعائم الأمن.
ولا يعرف المصريون أهمية تلك المحاصيل التي قد تتسبب في انهيار الأمم، فكانت على سبيل المثال أحد إرهاصات تفكيك الاتحاد السوفيتي إلي عدة دول، عندما عجز عن تلبية احتياجات الشعوب السوفيتية من الغذاء الأساسي، وتسولت نساؤه على طرقات دول أخرى للحصول على الغذاء.
يعد القمح سلاحا تستخدمه القوى الكبرى خاصة الولايات المتحدة، بقانون العقوبات الصادر من الكونجرس الأميركي، والذي له صلاحيات دولية ملزمة للدول الأخرى.
واستخدم هذا القانون ضد مصر عقب حادثة السفينة "أكيلي لا ورو" في الوقت الذي قامت المملكة العربية السعودية وسورية بإمداد مصر من فائض حاصلاتها الغذائية من القمح.
وأصبح القمح أحد أهم الأسلحة التي من الممكن استخدامها لتجويع الشعوب، وصدق الشيخ متولي الشعراوي -يرحمه الله- عندما قال: "من كان يأكل من فأسه، فقراره من رأسه".
ولقد ضرب القرآن الكريم أعظم المثل بأن سيدنا يوسف قد ذاع صيته في معظم بلدان العالم وقتها بسبب اكتنازه القمح بطريقة علمية، بأن احتفظ به في سنبله، ثم إمداده الشعوب المحيطة بالغذاء من الحنطة. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئنا، سخاء رخاء، وسائر بلاد المسلمين.