في الشهر الفضيل والليالي العشر المباركة.. انتقل فقيدنا الغالي إلى رحاب الله تعالى وجواره الكريم، بعد عمر أفناه في خدمة دينه ووطنه.. وفي منصب من أهم المناصب في الدولة.. لم تكن فائدته لبلاده فقط وإنما للعروبة والإسلام.

الأمير سعود الفيصل -رحمه الله- خريج مدرسة والده "الضخم" عميد الديبلوماسية العربية والإسلامية منذ تأسيس الدولة السعودية الثالثة.. زار دول الغرب والشرق في مطلع شبابه.. أدار وزارة الخارجية حتى استشهاده -غفر الله له- وبحكمة واقتدار سار ابنه (سعود) على نهجه وأخلص عمله حتى وهو يعاني في آخر سنواته من الآلام يتوكأ على عصاه.. يعلن مواقفه الحاسمة بهدوء ووقار.. أدهشت نظراءه في المؤتمرات والمحافل الدولية.. يشتد حماسه ونضاله إذا كان الأمر يتعلق بالقضية الفلسطينية أو يمس مصالح وطنه.. آخر مواقفه الشجاعة قبل (عاصفة الحزم) حين قال: "إذا دقت طبول الحرب فنحن لها" ورده على وزير خارجية أميركا: "أنتم من سلّم العراق لإيران على طبق من ذهب".

لم تكن لي صلة مباشرة به.. وإن كنت من شهود عصره معجباً بإنجازاته.. مرة أو مرتين تشرفنا باستقباله في (مجلس الشورى) بدورته التأسيسية، أجاب على مداخلة لي ضمن الزملاء الأعضاء، تضمنت تعليقاً وسؤالاً عندما تغلب (علي صالح) وهزم الجيش الجنوبي وأقصى نظيره أو نائبه آنذاك (علي سالم البيض)، كان جوابه شافياً وافيا.

من مآثره البارزة احتضان الكفاءات الشابة من كل مناطق المملكة، وإعطاؤها الفرصة لمزاولة العمل الديبلوماسي، كان نعم المرشد والموجه، من بينهم خليفته بالوزارة الآن (خالد الجبير).

الفقد كبير.. الموت مصير الأحياء.. لا نملك إلا أن نسأل الله جل شأنه أن يتغمده بواسع رحمته، ونتوجه بأحر التعازي لمليكنا المفدى والأسرة المالكة الكريمة.. وأبناء وبنات الشعب الوفي.. جبر الله مصابنا جميعا.. إنا لله وإنا إليه راجعون.