لم يعد الأطباء يطمحون إلى المناصب القيادية، وذلك إثر موجة الإعفاءات التي طالت عددا من زملائهم، إضافة إلى ثلاثة أسباب أخرى أدت في نهاية المطاف إلى عزوفهم عن القبول بالمهمات الإدارية. وبحسب عدد من الأطباء فإن الأسباب التي تقف وراء ابتعادهم عن المناصب

القيادية تتلخص في أربع نقاط هي: غياب الحماية من التجاوزات، وإلغاء البدلات، وعدم وجود حوافز مالية، إضافة إلى الإعفاءات التي طالت بعض زملائهم. واستشهد الأطباء على موجه العزوف باضطرار نائب وزير الصحة حمد الضويلع إلى الاستمرار في عمله مديرا لمستشفى الملك فهد بالدمام إضافة إلى عمله في الوزارة. فيما حصلت "الوطن" على خطابات تكشف إقدام بعض الإدارات الصحية على شغل مناصب إدارية بفنيين لا يحملون شهادات بكالوريوس، فيما تم تعيين طبيبة أسنان مساعدة لمدير مستشفى بعد اعتذار عدد من الأطباء عن تلك المناصب.




أرجع أطباء عزوفهم عن مناصب وزارتهم الإدارية إلى أربعة أسباب، في مقدمتها غياب الحوافز المالية، وعدم وجود غطاء قانوني يحميهم من تجاوزات المرضى والمراجعين، وموجة الإعفاءات التي طالت بعض زملائهم أخيرا، علاوة على ما يتناثر من إشاعات بشأن إلغاء بعض البدلات والحوافز لشاغلي تلك المناصب من منسوبي وزارة الصحة.

واستشهد عدد من الأطباء على تفاقم مشكلة العزوف بقرار نائب وزير الصحة حمد الضويلع ترؤسه مستشفى الملك فهد بالدمام رغم تعيينه نائبا لوزير الصحة.


غياب الحماية

وفيما برر بعض الأطباء -فضلوا عدم ذكر أسمائهم- رفض تسلم المهمات الإدارية في وزارة الصحة بسبب الإعفاءات التي طالت زملائهم الفترة الماضية، حصلت "الوطن" على خطابات تثبت إقدام بعض الإدارات الصحية على شغل بعض المناصب الإدارية بفنيين لا يحملون شهادات بكالوريوس وتعيين طبيبة أسنان مساعدة لمدير مستشفى بعد اعتذار عدد كبير من الأطباء عن تلك المناصب لعدم وجود حوافز وقرارات تردع المتطاولين عليهم وتحميهم.

وذكرت مصادر لـ"الوطن" أن عزوف الأطباء عن تولي مناصب إدارية في المستشفيات والشؤون الصحية ناتج عن زيادة القرارات الصادرة ضدهم وعدم وجود مميزات تحميهم، حيث شهد المجال الطبي في الآونة الأخيرة إعفاءات طالت عددا من المسؤولين الصحيين إضافة إلى هجوم بعض المواطنين عليهم.





حرمان من البدلات

وقالت المصادر إن من أسباب العزوف ما يجري الآن من دراسات ومقترحات تصب ضد الطبيب ومنها ما أثير أخيرا عن تقليص بدل الإشراف ومراجعة البدلات مع إلغاء بدل التمييز وإلغاء جميع الحوافز التشجيعية.

وأشارت المصادر إلى أن بعض المسؤولين الإداريين في القطاع الصحي يواجهون سيلا من الشتائم والسباب على مواقع التواصل الإلكتروني ويتسرب ذلك إلى ذويهم وأبنائهم وقد يدفع الأمر المسؤول لطلب الإعفاء من منصبه.


ضبط التوثيق

بدوره، أوضح رئيس اللجنة الصحية بغرفة المدينة المنورة الدكتور حسين الردادي لـ"الوطن"، أن العزوف ناتج عن استخدام سىئ لمواقع التواصل حتى وصل الأمر إلى عزوف الأطباء عن العمل في مهنة الطب، وليس في المجال الإداري، حيث يكون هناك في بعض الأحيان تخوف من التعامل مع بعض الحالات، لا سيما مع وجود ذوي المريض برفقته أثناء وصول الحالة إلى المستشفى.

وأضاف "نحتاج ضبط عملية التوثيق بالكاميرات داخل المرافق الصحية بعد أن تجاوزت الحد المعقول وليس كل من يدخل المنشأة الصحية يحق له ذلك التوثيق ونشره إلكترونيا لكسب التعاطف حال وجود تجاوز".

وقال "للأسف تكون هناك ردود أفعال واسعة ومبالغ فيها حيال أخطاء تقع من أطباء داخل المستشفيات ويكون هناك قرار ضد الطبيب أو الإداري يصل إلى الإعفاء، رغم وجود عقوبات بديلة تناسب الخطأ". وألمح رئيس اللجنة الطبية إلى أن كثيرا من المقاطع الموثقة التي شوهدت على مواقع التواصل تحوي تجاوزات من قبل المصور ضد الطبيب أو الإداري حتى أصبح المسؤول أو الإداري لا يعير العمل في هذا المجال اهتماما لأنه علاوة على تلك التجاوزات ليس هناك زيادة مالية أو مميزات أخرى ويأتي مقطع مدته دقيقة ليهدم جهود الإداري أو الطبيب خلال الفترة الماضية.

وفيما لم ينف الدكتور حسين خروج بعض الأطباء عن شعورهم مع بعض المراجعين بسبب ضغوط العمل، طالب بأن تقابل تصرفات المراجعين المتجاوزين بحزم وتكون هناك عقوبات تطالهم وتحفظ كرامة الإداري والطبيب. إلى ذلك، تجاهل المتحدث الرسمي لوزارة الصحة الدكتور خالد مرغلاني الرد على استفسار "الوطن" حيال عزوف الأطباء عن المناصب الإدارية منذ توجيه التساؤل له في 24 يونيو الماضي، رغم وعوده بالرد والتجاوب، حيث أشار إلى أنه أرسل إلى نائب الوزير للرد عليه ومن ثم توجيهه للصحيفة إلا أن ذلك لم يتم.