م. عايض الميلبي


لقد اتخذت هذا القرار وأنا بكامل قواي العقلية، وبمحض إرادتي، مستندا على عدة أسس راسخة رسوخ جبال هذا الوطن، ولن يأخذني بالحق لومة لائم، بادرت إلى فعلي هذا المتمثل في الإبلاغ عمن تبين لي أنه ينتمي للفكر الداعشي؛ لعدة أسباب في مقدمتها أن المواطن يُعتبر رجل الأمن الأول؛ وهو مكمل لعمل الجهات المختصة التي يقع على عاتقها حفظ الأمن، وفي بلاغي عن هذا الشخص أبرئ نفسي أمام الله أولا ثم أمام الجهات المختصة ثانيا، وفوق ذلك كله أكون مساهما في حفظ أنفس لربما تطالها يد الإرهاب؛ فتزهقها دون وجه حق، وفي السياق ذاته أُنقذ الفرد المُبلغ عنه من شر نفسه، وفكره الذي تعرض للوثة عقدية وسلوكية؛ جعلت عقله رهينة لمن يأمره بوضع الحزام الناسف حول جسده؛ ليفجره في أحد بيوت الله.

أخي المواطن، لتكن العبارات آنفة الذكر أول ما يجول بمخيلتك لحظة اشتباهك بأي فرد، لا تتردد في ما من شأنه مصلحة الوطن ومن يقيم على أرضه، لا ترتب من فعل ذلك أبدا، ولا تعتقد أنك سوف تكون في دائرة المتابعة، بل على العكس تماما، سوف تجد التقدير والحفاوة من قبل الجهات المختصة؛ فتلك شجاعة تُقدر عاليا، وتُعبر عن الوطنية الحقيقة قولا وفعلا، لا تنظر لعلاقتك بالشخص المنحرف فكريا، مهما كان قريبا أو صديقا أو من عامة الناس؛ إن هدفك السامي يحتم عليك الإبلاغ عنه، تبرئة لضميرك الحي، وفيما لو تغاضيت عنه، فلن تكون أنت نفسك في مأمن من شره، ألم تر أن منهم من قتل والده وقتل خاله، هؤلاء في عالم آخر مختلف، لا يعرفون سوى القتل، والإرهاب بأبشع صوره، لقد تخلوا عن الدين والإنسانية، واستبدلوا ما هو أدنى بما هو خير.

حقيقة ليس أمامنا خيار، فنحن جميعا بكافة أطيافنا، يجب أن نقف صفا واحدا، في مواجهة هذا الفكر البغيض، لا بد أن يشعر الداعشي ومن شايعه أن الكل ضده، بكل حزم وصلابة؛ وبالتالي يضيق عليه الخناق، فيجد نفسه بين خيارين لا ثالث لهما، إما أن يؤوب إلى رشده ويتوب، أو أن يكون مصيره الاعتقال في أي لحظة. إن هذا الوطن منحنا الكثير، وعلى أرضه عاش آباؤنا من قبلنا، وها نحن نعيش من بعدهم بأمن وسلام، وسوف يخلفنا أحفادنا، فلا نحابي أحدا، حينما يتعلق الأمر ببلاد الحرمين وأهلها، ولنكن على يقين أن الفكر الداعشي مجرد سحابة صيف، أثارتها بعض الزوابع

المحيطة بنا، وبإذن الله عما قريب تنقشع.