عبدالقادر الغامدي


عندما واجه حسن نصر الله حربا مع إسرائيل عام 2006 وعلى الرغم من أنه كان البادئ باختطاف جنديين، وكانت نتيجة ذلك أن دمرت نصف بيروت إلاّ أن الشعب العربي تعاطف معه وخرجت مظاهرات في معظم العواصم العربية مؤيدة له. ولكن مع مرور الأيام بدأت تتكشف حقيقة حسن نصر الله وانكشفت معه مغامراته التي كان يثيرها مع إسرائيل والتي تكشف عنها أن ما كان يفعله ليس سوى أوراق ضغط من إيران إبّان المفاوضات النووية الإيرانية مع الدول العظمى التي كانت في شدتها في تلك الفترة.

وبدأت أوراق التوت تسقط شيئا فشيئا إلى أن سقطت آخر ورقة عند دخوله إلى سورية وتأييده الفاضح لبشار الأسد، لم يكتف نصر الله على الرغم من انكشاف أمره بأنه مجرد عصاة إيرانية تحركها كيفما تريد وفي أي وقت تشاء، فكان تدخله السافر في شؤون البحرين وتدريب إرهابيين بحرينيين على أراضيه في لبنان ثم إرسالهم إلى البحرين للقيام بالتخريب والتفجير. وكذلك تدخله في مصر من قبل وانكشاف جواسيسه والكويت وغيرها من الدول العربية. وجاءت عاصفة الحزم ولخبطت أوراق حسن نصر الله فأصبح يظهر علينا على قناة المنار في بدايات العاصفة بشكل شبه يومي بعد أن توارى عن الإعلام لفترة طويلة وكانت خطبه حماسية ومليئة بالتهديد والوعيد، ومع مرور الأيام ومع الانتصارات التي كانت تحققها عاصفة الحزم بدأ نصر الله في تخفيف حدة خطاباته وأصبحت خطاباته تتسم بالهدوء نوعا ما ومن دون حتى أن يلوح بيديه أو يشير بإصبعه في إشارة للوعيد والتهديد.

ومع مرور الأيام وتوالي الانتصارات في اليمن وحين أصبح حلفاؤه هناك يقل نفوذهم ويخسرون المدن الواحدة تلو الأخرى ولم يعد لديهم سيطرة مطلقة إلاّ على مدينة صنعاء فقط، وعندما علم يقينا بأن النصر قادم للحكومة الشرعية وبأن الحوثيين سيتم دحرهم وردهم إلى جحورهم ولم تعد المسألة سوى مسألة وقت، اختفى نصر الله تماما عن الساحة واكتفى في إيصال رسائله عبر وسيلته الإعلامية قناة "المنار" ولكن هذه المرّة بصورة مختلفة تماما عن السابق. فأصبح يدعو للحوار والتعايش بين المذاهب وباتت قناته في الأيام الأخيرة تستضيف مشايخ من المذهبين ممّن يدعون للتقارب والتعايش بين السنة والشيعة. أنا أعتبر هذا خبثاً ودهاء من نصر الله، فالمثل الصيني يقول "إن لم تستطع الوقوف أمام العاصفة فانحن لها ودعها تمر". ومهما كان الانحناء فإن العاصفة كفيلة باقتلاع كل مخرب شرير.