خالد كلاب الحربي


قد لا تعرف ربط حزام ناسف ولم تتعامل مع عبوة متفجرة قط، ولم تنتم لجماعة ما بشكل فعليا يوما من الأيام، ولم تطأ قدمك أرض حرب في حياتك، ولم تتعرض للاضطهاد الذي يولد نفسا شريرة تتوقد حماسا للانتقام، ولكنك بنفس الوقت تكون أخطر على مجتمعك مما لو مررت بكل ما سبق، ذلك عندما تحمل فكرا هداما يغلفه الجهل وتقوده التبعية العمياء، ويسيطر عليه الغباء ليس أصلا وإنما اكتسابا، بعد أن سلمت عقلك لمن يفكر بدلا عنك وأصبحت وأنت تعلم مجرد أداة يحركها غيرك كيف يشاء، تبدأ باختيار كنيتك من أبوجندل إلى أبو مصعب، وتنتهي بإحكام حزام ناسف على خاصرتك وهو يربت على كتفك ويهمس بإذنك بأنك ستسبقه إلى الجنة فقط "فجر في مجتمعك".

الأمن الفكري أصبح ضرورة ملحة في هذا الزمن الذي يشهد التغيير السريع والتدفق المعلوماتي الكبير وتنوع المصادر وسهولة الحصول عليها في ظل هذا الانفجار الفضائي الذي يعيشه العالم اليوم، ففي السابق كانت المنافذ محدودة لا تتجاوز الشاشة الصغيرة والصحف الورقية ومنابر الجمعة، واليوم في عصر السرعة والعولمة والتقنية الحديثة مصدرك هاتفك النقال على أي وضع كنت في بيتك، في سيارتك أو في صالة الانتظار بالمستشفى أو البنك. مما يولد ثقافة مضطربة تصنع جيلا حائرا غير قادر على تحديد الصواب من الخطأ، يبحث عمن يرشده إما بتأكيد معلومة أو بنفيها أو بالإجابة عن تساؤلات جعلت منه جيلاً تائها.

ومن هذا المنطلق وتبعا لكل هذه التغييرات أصبح لزاما وضع حلول وخطوات استباقية قبل وصول شبابنا إلى مرحلة الانحراف الفكري الذي لا يتم إلا بتحقيق الأمن الفكري لهم، الذي أرى أنه في هذا الزمن لا يقل أهمية عن أمن الدولة الداخلي، ولا يتحقق هذا إلا بتغيير طريقة استيعاب هؤلاء الشباب وإقامة الندوات والمناشط والدورات التي تستوعب هؤلاء وفتح أبواب الحوار مع نخبة المجتمع من المثقفين والعلماء، والرد على كل تساؤلاتهم واستفهاماتهم حتى لا يبحثوا عن إجابتها لدى جوجل. عندها فنحن نساهم كمجتمع في رعاية قنابل موقوتة قد تنفجر في أي لحظة.