نشرت "الوطن" في عددها رقم (5386) الصادر بتاريخ 29 /6 /2015، خبراً عن نتائج قرار تصحيح أوضاع الجالية البرماوية في العام 2013، وإشادة المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين؛ وتكريم المملكة العربية السعودية نظير جهودها الكبيرة، في دفع الجميع إلى التحلي بالمسؤولية على مستويات إنسانية وحقوقية واجتماعية، وجاء نص الخبر: "يبدو أن النجاح الذي تحقق للسلطات السعودية في التعاطي مع ملف معالجة أبناء الجالية البرماوية دفع إلى التفكير في اعتماده كمقاربة حكومية مناسبة للتعاطي مع الملفات المماثلة، وتحديدا أبناء الجاليات من مواليد المملكة ممن يقطنون المناطق العشوائية غرب البلاد. فبعد أيام من إشادة مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة، بالتجربة، تكشفت لـ"الوطن" معلومات موثوقة، تفيد بأن السلطات المحلية المختصة تدرس تطبيق التجربة على أبناء الجاليات المولودة في السعودية. واستندت الجهات الحكومية التي تبنت المقترح وأوصت بدراسته على نجاح التجربة السابقة في إيجاد أرقام مرجعية معلوماتية عن سكان العشوائيات، ما سهل التعامل مع الحالات الأمنية ذات العلاقة، وهو ما دفعهم إلى التوصية بدراسة تعميم التجربة على مواليد المملكة من كل الجاليات لتسجيلهم رقميا وتسهيل عملية التواصل معهم، وإكسابهم فرصا أفضل للعمل النظامي وغيرها".

حدث التكريم كمكافأة على الخطوة النوعية التي قامت بها الحكومة السعودية، من تصحيح للأوضاع غير القانونية لأبناء الجالية (البرماوية)، الذين لا يتمتعون بالإقامة النظامية على أراضي المملكة العربية السعودية. وكانت هذه الخطوة محفزاً قوياً للتفكير في تطبيقها على بعض القضايا العالقة على هذا الجانب بعد أن أثبتت نجاحها.

وفكرة التصحيح التالية التي يبشر بها الخبر، سترتب عدة جوانب وملفات مهمة جداً في الداخل السعودي، أهمها محاصرة التواجد غير القانوني على الأراضي السعودية وتقليصه بشكل كبير جداً، وتضييق هوامش احتمالات الفشل والخطأ في المعاملات الحكومية والقضايا الأمنية، والتأكيد على أهمية البعد الإنساني والأخلاقي في هذه القضية المزمنة، من خلال السعي الفعلي باتجاه تنفيذ الحلول القانونية التي تحفظ ذلك البعد، وأخيراً المصلحة الاقتصادية التي سيعكسها تنظيم اليد العاملة من هذه الفئة الاجتماعية المتواجدة في الداخل السعودي.

وهذه النقاط في الواقع هي جزء من مشروع التنظيم العام، الذي تسعى المملكة إلى جعله واقعاً ملموساً، ومطبقاً على الأرض في طريقها إلى تطبيقات الحكومة الإلكترونية الحديثة في ما يتعلق بإنجاز المعاملات.

وهي التي تظهر ملامحها من خلال التطبيقات الإلكترونية الحالية في كل الوزارات تقريباً.

الخطوة السعودية في قضية أوضاع الجالية البرماوية، أثمرت إشادة المفوضية السامية لشؤون حقوق الإنسان، والتي أعلنت عن اعتزامها تطبيق التجربة وتعميم العمل بفكرتها وآليتها ربما في الدول الأخرى، للتعامل مع مثل هكذا قضايا إنسانية معقدة في دول العالم الثالث، والبلدان العربية بشكل عام.

ذلك التصحيح وفكرة العمل به على نفس المنوال، سيدفع بموقع المملكة العربية السعودية على سلم ترتيب قائمة حقوق الإنسان إلى مرتبة متقدمة حتماً، وهو المتوقع بالطبع، فخطوة الإنجاز الإيجابية تناظرها خطوة إيجابية عادةً، وتفكير الحكومة في الاستفادة من التجربة في قضايا أخرى مشابهة، يعني الاقتناع بمبدأ استغلال قوة اليد العاملة المعطلة في الداخل بشكل أكثر فاعلية، لتدوير أكبر قدر من الإنفاق المالي داخلياً بدلاً من هجرته.