تتسارع الأحداث في العراق بشكل غير مسبوق، ففيما صادق البرلمان العراقي على الإصلاحات الحكومية والبرلمانية، أصدرت هيئة النزاهة أوامر باعتقال مئات المسؤولين الحاليين والسابقين، وسط توقعات بأن تشمل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي، الذي تم إعفاؤه قريبا من منصبه كنائب لرئيس الجمهورية. فيما تواترت أنباء عن عزم قيادات بارزة في حزب الدعوة لاجتماع عاجل بهدف إزاحة المالكي من رئاسته وربما طرده بشكل كامل من الحزب.

وكان مجلس النواب العراقي قد صادق بحضور 297 من أصل 325 نائبا على حزمة الإصلاحات الحكومية التي أعلنها رئيس الوزراء حيدر العبادي قبل يومين، وتشمل إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية، ونواب رئيس الوزراء، وتخفيض عدد أعضاء الحكومة، والتحقيق مع كثير من المسؤولين بشأن مصادر أموالهم.

كما صادق البرلمان في جلسة المسائية، بالإجماع على الإصلاحات البرلمانية التي اقترحها رئيس مجلس النواب سليم الجبوري، لتكون مكملة للإصلاحات الحكومية، وتشمل إجبار المسؤولين على التخلي عن الجنسية الثانية، ومنح صلاحيات لرئيس الحكومة بإقالة المحافظين ورؤساء مجالس المحافظات.


دعوات للمحاسبة

وفي أول دعوة علنية لمحاسبة المالكي ومحاكمته، عد رئيس كتلة التحالف المدني، النائب مثال الآلوسي، أن إقالة المالكي ليست كافية، داعيا إلى محاكمته على كل جرائمه بحق الوطن والمواطن. وأكد في مؤتمر صحفي عقده بمقر البرلمان أن كتلة التحالف المدني وغالبية أعضاء مجلس النواب لن يسمحوا بإفلات المالكي من المحاسبة، مشيرا إلى أنه هو المسؤول الأول عن دمار وخراب البلد، ففي عهده أهدرت مئات المليارات من الدولارات من موازنة البلاد، إضافة إلى التردي الأمني الذي تحول فيما بعد إلى كارثة وطنية، بضياع مدن ومحافظات.

وفور مصادقة البرلمان على حزمة الإصلاحات الحكومية، أصدرت هيئة النزاهة أوامر باعتقال أكثر من 300 مسؤول حالي وسابق، على خلفية اكتمال التحقيقات والملفات الخاصة بقضايا فساد مالي وإداري، وابتزاز وغيرها.

وعلمت "الوطن" من مصادر مطلعة أن المالكي من بين المسؤولين الذين أصدرت الهيئة بحقهم أوامر اعتقال، مؤكدة أن مذكرة الاعتقال تشمل أهم الوزراء والمسؤولين الذين عملوا في عهده، وشاركوه الفساد وإهدار المال العام، وارتكاب جرائم القتل غير القانوني.


محاكمة أعوان الدكتور

وكشفت المصادر أن في مقدمة الوزراء السابقين الذين صدرت بحقهم أوامر اعتقال، وزير التجارة الأسبق والقيادي في حزب الدعوة، عبد فلاح السوداني، الموجود حاليا في بريطانيا، ووزير الدفاع السابق عبدالقادر العبيدي، ووزير الدفاع سعدون الدليمي، الذي يعد أهم أذرع المالكي خلال ولايته الثانية، فضلا عن المدير السابق لمكتب القائد العام للقوات المسلحة، الفريق فاروق الأعرجي، ورئيس هيئة الاستثمار سامي الأعرجي، وهما أيضا من المقربين للمالكي.

إلى ذلك، أعلن مجلس القضاء الأعلى استعداده للتحقيق في جميع الشكاوى المتعلقة بالفساد، أيا كان منصب المتهم. وقال المتحدث باسم المجلس، القاضي عبدالستار البيرقدار في بيان أمس "أبواب القضاء والادعاء العام مفتوحة لتلقي الشكاوى بما فيها المتعلقة بالفساد، وسنتعامل معها مهما كان منصب المتهم فيها وعنوانه، وفق القانون والأدلة والقرائن المتوفرة".

على صعيد متصل، علمت "الوطن" من مصادر مقربة من حزب الدعوة أن شخصيات بارزة في الحزب، في مقدمتها رئيس الوزراء حيدر العبادي، والقياديان وليد الحلي، وعلي الأديب، يعقدون اجتماعات مكثفة مع الكادر المتقدم للحزب لإزاحة المالكي من منصب الأمين العام. وبحسب المصادر فإن الاجتماعات تبحث طرد المالكي نهائيا وعدم الاكتفاء بفصله من رئاسة الحزب.