إلى أمد قريب.. كان مجتمعنا قانعاً راضياً بما قسم الله له.. حتى بدأ التكاثر بالأموال.. والتباهي بالمظاهر.. فوجئنا بين عشية وضحاها.. بمن أدعى المشيخة.. ثم تلاها بـ (الدكترة) يضع اللقب أمام اسمه عامداً متعمداً دون حسيب ولا رقيب. أفهم أن يحرص من أفنى سنوات عمره وصحته بطلب العلم والحصول على درجاته.. أن يُتوج اسمه بما ناله عن جدارة واستحقاق .. بل إن طائفة من هؤلاء يُفضلون الإعلان عن أسمائهم مجردةً من ذلك ثقة بالنفس واعتزازاً بفضيلة العلم. لكن المشكلة بالأدعياء الذين برزوا للساحة متقاعدين أو قاربوا سن الإحالة وإذا هم يحملون شهادات من جامعات لا يُعرف لها أصل ولا فصل. وإذا كانت (الجزائر) تفخر بأنها بلد المليون شهيد .. وجارتها (موريتانيا) بالمليون شاعر.. فقد أوشكنا أن نتخطى حاجز المليون (دكتور) والمليون (شيخ وشيخ شمل)! بل وننافس على أرقام (جينيس) القياسية.
في الماضي كان من يستحق نائب جماعته أو شيخ قبيلته يصر على الاعتذار عن قبولها لما كانت تتطلبه من تكاليف مادية واجتماعية آنذاك.. أما الآن .. فقد سامها كل مفلس وأصبح العدد (بالليمون) كما يقال.!
* هذه دعوة إلى العودة للواقعية والعقلانية والتقيد بالمثل الحكيم (رحم الله امرأ عرف قدر نفسه).. ودعوة صادقة لتوفير النفقات والتواضع لله سبحانه والاتعاظ بمصيبة الموت.. فلا نياحة ولا إعلانات صحفية.. ولا تعازي من الأقارب والأصدقاء والمعارف تُستعرض أسماؤهم وألقابهم ومناصبهم من باب التفاخر متناسين الحكمة القائلة (كفى بالموت واعظا).