أشكر لمعالي وزير العمل، الأستاذ مفرج الحقباني تجاوبه السريع مع مقالي ما قبل الأمس واتصاله الصريح الحميم وهو يبادر بقبول دعوة "وزير" إلى الاستماع إلى رواد خيمة قروية لديهم عشرات الأسئلة المفتوحة عن كل وزارة وهيئة.
إحساسي، بل خبرتي المتواضعة في مجال الكتابة وقراءة وتحليل الخطاب الإعلامي قد تقول بعضاً مما يلي: مشكلة كثير من الوزارات ليست في نقص المنجز ولا في قصور العمل بقدر ما هي معضلة تسويق البرامج والأفكار والمشاريع وشرحها لقطاع عريض واسع من الرأي العام. وقد يقول بعضكم: إنك تدعو الوزارات إلى الإعلام والتلميع، وهذا اتهام مجاف للحقيقة لأن التسويق "السيئ" لعمل أي وزارة ما يسرق منها ومن الوطن حقائق نسبة التنمية ويعطي الرسالة الخاطئة، أن الوطن كان مقصرا في الحقوق المستحقة لأهله. تسويق الأفكار والبرامج والمشاريع جزء أساسي في الشراكة الموجبة ما بين المواطن وبين التنمية. الوزارات، وللأسف الشديد تعتمد أيضاً على اجتهادات ما يعرف "بالمتحدث الرسمي" وهنا يبرز السؤال: من لديك في الذاكرة هذه اللحظة عن عشرات المتحدثين الرسميين في الوزارات الخدمية؟ الجواب "صفر مكعب". خذ بالمثال أن رفض مجلس الشورى لمشروع الوحدة الوطنية قد أحدث هذا الصخب الهائل في ردة الفعل المجتمعي، وقد يكون السبب أن المجلس نفسه يفتقد أدوات تسويق قراره الشهير لأن المجلس لم يخرج إلى الجمهور ليبرر الدوافع. عدنا مع هذا التسويق السيئ إلى المربع الأول المطبوع في أذهان قطاع عريض من الرأي العام من أن المجلس "لا يعمل" وللحق والإنصاف فهذا انطباع مضاد أيضا للحقيقة. المجلس أخرج لنا عشرات الدراسات والمشاريع التي أصبحت اليوم نظما وقوانين في حياة الناس ولكن: من هو فينا من يعرف أن الورقة الأولى ولدت تحت قبة المجلس.
قفلة المقال: تعتبر وزارة العمل واحدة من أكثر الوزارات اشتباكا وحساسيا في العلاقة ما بينها وبين جمهورها الكبير. خذ مثلاً ملفي "التأنيث والسعودة". قد لا يعلم الكثير أن هذين الملفين وحدهما ساهما في ثلث مليون وظيفة حتى مع الجوانب السلبية التي تحملها وظائف التأنيث والسعودة، وهو ما لم تستطع الوزارة إبراز آلية تسويقية تضع الجمهور أمام الجانبين المتناقضين للملف. لم تقل لرجل الأعمال إن أي قانون أو نظام سيكون قابلا للجرح والتعديل والحذف والإضافة ولكن: دعونا نخوض التجربة.